المشاركات

عرض المشاركات من 2018

من هنا وهناك (٣٣) حسنُ الاستماع هديةٌ

من هنا وهناك (٣٣) حسنُ الاستماع هديةٌ من الآداب التي ينبغي أن نتحلى بها كمؤمنين هو حسنُ الاستماع للآخرين، ويكون هذا الأدب أكثر أهميةٍ مع المقربين منّا من الأهل والأقارب، فإنه هو الطريق الأمثل لمعرفة مشاعر وفكر وآلام الآخر، بل ومفتاحُ التفاهم معه، ومناقشته، والوصول لقلبه. من الآثار الإيجابية لحسن الاستماع هو جعل تركيزنا منصبًّا بدرجةٍ كبيرةٍ على الاستماع لا على الكلام، ممّا يُساعد على الابتعاد عن الجدال والمراء، وكذلك قلة الأخطاء والذنوب التي يسببها كثرةُ الكلام. الآخرون دائمًا يحتاجون لأذنٍ تسمع وإلى قلبٍ يستمع، وقد تكون هذه هديةٌ من أكبر الهدايا التي تقدِّمها للآخر، وهي في ذات الوقت غير مكلفة، فكم من قلبٍ مجروحٍ يريد أن يبوح بآلامه، وكم من صاحب همٍّ يريد أن يشاركَه غيره، وكم من صاحب مشكلةٍ يحتاج لمن يساعده في حلحلتها وفكِّ تعقيداتها، وكل هذه مفتاحها حسنُ الاستماع، وإبداء الاهتمام، مما ينعكس على نفس المتحدِّث، ويضخ فيها شيئًا من الراحة والسعادة بمجردِّه. حسن الاستماع كما أراه أدبٌ رفيعٌ وهديةٌ قيمةٌ نقدمها للآخرين، فلا تبخلوا به.. محمود سهلان ٣١ ديسمبر ٢٠١٨م

مفاتيح فقهية (٣) مصطلحاتٌ من باب الطهارة

مفاتيح فقهية (٣) مصطلحاتٌ من باب الطهارة • الطهارة: هي النظافة، ويُراد بها النظافة بطريقةٍ مخصوصةٍ في الشريعة الإسلامية. تجب الطهارة لنوعين من الآثار، وهما: الأول: الحدث: وهي الآثار المعنوية التي رتَّبها الشرع على حدوث النوم أو البول أو الجنابة أو نحوها، وهي آثارٌ مختصةٌ بالإنسان فقط. وينقسم الحدث إلى قسمين:  الحدث الأصغر: وهو ما يرتفع بالوضوء خاصة، وهو: حدث البول، والغائط، والريح من الدبر، والاستحاضة القليلة، وحدوث ما يسبب غياب العقل كالنوم والسُكر والإغماء. الحدث الأكبر: وهو ما لا يرتفع إلا بالغسل، وهو: حدوث الموت، أو الجنابة، أو الحيض، أو النفاس، أو الاستحاضة المتوسطة أو الكثيرة، أو مسّ الميت قبل تغسيله وبعد برده. الثاني: الخبث: القذارات التي لها أثرٌ مادي، كالبول والغائط والدم وغيرها ممّا حدّدها الشارع وسماها نجاسة. وتَعرض هذه على بدن الإنسان وغيره وترتفع بالغَسل بالماء أو بغيره من المطهرات كما هو موضَّحٌ في محله بالرسالة العملية. • تتمةٌ في مصطلحي النجس والمتنجس: النجس: يراد به خصوص الأعيان النجسة، التي هي المصدر الأول لحصول النجاسة، كالبول والغائ

من هنا وهناك (٣٢) الاستخفاف بالصلاة

من هنا وهناك (٣٢) الاستخفاف بالصلاة يظهر ممّا ورد في القرآن الكريم والروايات الشريفة أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال العبادية، فهي معراج المؤمن، وهي عمود الدين، وهي التي إذا قُبلت قبل ما سواها، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وغير ذلك من التوصيفات لها والمترتبات العظيمة على أدائها بخشوعٍ وخضوع. فإذا اهتم المؤمن بصلاته تغيّرت أحواله المعنوية والمعيشية للأفضل غالبا، أما إذا استخفّ بها وتهاون في أدائها ساءت أحواله بشكلٍ عامٍّ وحالته الروحية والمعنوية بشكلٍ خاص، لذلك عندما يسألُ سائلٌ عن سبب تردي أحواله كثيرًا ما نجد العلماء الأجلاء يؤكدون له على ضرورة مراجعة حاله مع صلاته. الآثار التي تذكرها الروايات للاستخفاف بالصلاة آثارٌ شديدةٌ جدا، فالمستخف بالصلاة يقول -عنه- رسول الله (ص): إنه ليس مني، ولا يرد علي الحوض، ويقول صادق الآل (ع): إن شفاعة آل محمدٍ لا تنال مستخفًا بالصلاة، فأيّ أثرٍ وعقابٍ أشدّ من ذلك؟! عن رسول الله (ص): "ليس منّي مَن استخفَّ بصلاته، ولا يرد عليّ الحوض لا والله"[من لا يحضره الفقيه/ح٦١٧]. عن الإمام الصادق (ع): "إنّ شفاعتنا لا تنالُ

من هنا وهناك (٣١) حبسُ القلم أولى بالأدب

من هنا وهناك (٣١) حبسُ القلم أولى بالأدب إن لكلام أهل البيت صلوات الله عليهم قيمته الخاصة، فهو الذي يرسم منهج حياتنا إلى يوم القيامة، فلا يمكن أن نتحرّك بالاتجاه الصحيح ما لم نلتزم بما صدر عنهم، وأي مخالفةٍ لما يقولون من شأنها أن تُوقِعنا في الكثير من المشاكل والفتن، لذلك صبّ العلماء الأعلام جهودهم في سبيل فهم كلامهم، ومحاولة الاستفادة منه وتفعيله في حياة المؤمنين. من أبرز العلماء الذين كان دأبهم التعامل مع الرواية، روايةً ودرايةً وفهمًا وتأملًا وتدبرًا وتأويلًا، الشيخ يوسف البحراني -صاحب الحدائق- قدّس الله نفسه، حيث غاص في أعماق محيطات تلك الروايات واستخرج منها الكثير من الكنوز، وقد أحاط بها فهمًا قلّ له النظير، ولكنه مع ذلك إذا لم يتوصل لفهم بعض الروايات فإنه يتوقف ويرد علمها إلى أهلها كما أُمرنا، ولك هذه الكلمة الخالدة عندما لم يتوصل لفهمٍ يطمئنُ إليه بخصوص بعض الروايات: "وبالجملة فالمقام محلّ إشكال، ولا يحضرني الآن الجواب عنه، وحبسُ القلم عن ذلك أولى بالأدب". في قبال هذه القامة العالية، وهذا التأدب بين يدي أسياده، نجد أن بعضنا تخلى عن هذا المستوى الراقي جدًا

من هنا وهناك (٣٠) الصبر واليوم الآخر

من هنا وهناك (٣٠) الصبر واليوم الآخر القضاء في الشريعة الإسلامية قائمٌ على البيّنات والأَيمان بشكلٍ عام، سواء كانت تؤدي لإصابة الواقع أم لا، ولا شكّ أن الشارع أراد ذلك نظرًا للمصالح والمفاسد كما هو الحال في الأحكام الشرعية. إذا لم يحصلْ ذو الحق على حقه في الدنيا لأنه لا بيّنة له، أو أن حقه ظُلم لأن الطرف الآخر حلف كاذبا، أو لغير ذلك من الأسباب، فالأمر لا ينتهي هنا، إذ أن غاية ما يؤدي إليه القضاء هو فضّ النزاعات بين الناس، حتى لو كانت الأحكام غير مطابقةٍ للواقع أحيانا. هل سيذهب حق المظلوم مُطلقا؟ وهل سينجو الظالم ولن ينال جزاء فعله؟ العدل الإلهي يقول لا، فالأمور لا تُحسم وتنتهي في الدنيا، مع أن بعض المظالم تُرد إلى أهلها ويُعوَّضون عنها في الدنيا، ومع أن بعض الظَلمة ينالون عقابًا دنيويًا كذلك على أفعالهم، إلا أننا نعتقد أن هناك معادًا ينال فيه كل ذي حقٍّ حقه، يحكم فيه العدل الإلهي، وتُرد فيه المظالم حتما. إذا كان الأمر كذلك، وهو الحق، فلا بد أن يتريّث المؤمن وأن يكون صبورًا مهما جرى عليه من ظلم، إلى أن يأتي أمر الله تعالى، فلو ظلمك أحدٌ مالًا لك مثلا، ولم تتمكن من

مفاتيح فقهية (٢) الاحتياطُ في الرسائل العملية

مفاتيح فقهية (٢) الاحتياطُ في الرسائل العملية الأول: الاحتياط الوجوبي: ويرادفه الأحوط وجوبا، والأحوط لزوما، ويجب على الأحوط، ووجوبه مبنيٌّ على الاحتياط، ولا يُترك مقتضى الاحتياط فيه، وكذلك إذا قال الفقيه: يُشكِل كذا، أو هو مشكل، أو محلّ إشكال. - اللازم في موارد الاحتياط الوجوبي هو العمل بمقتضى الاحتياط، سواء كان ذلك يقتضي ترك العمل أو الاتيان به أو غير ذلك كالجمع بين فعلين، أو الرجوع في المسألة لمرجعٍ آخر مع مراعاة الأعلم فالأعلم إذا كان المرجع يشترط ذلك. الثاني: الاحتياط الاستحبابي: ويرادفه الأحوط استحبابا، والأحوط الأولى. - في موارد الاحتياط الاستحبابي يجوز تركُ الاحتياط والعمل على خلافه، وإن كان الالتزام به أفضل. مثال: قال: "لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن حتى المدّ والتشديد ونحوهما، ولا مسّ اسم الجلالة وسائر أسمائه وصفاته على الأحوط وجوبا، ويلحق بها على الأحوط الأولى أسماء الأنبياء والأوصياء وسيدة النساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين".¹ توضيحه: بناءً على ما مرّ نقول: إن مسّ اسم الجلالة وسائر أسمائه وصفاته لا يجوز على الأحوط وجوبًا للمحدث، وعليه

من هنا وهناك (٢٩) الدعاء على أيّ حال

من هنا وهناك (٢٩) الدعاء على أيّ حال الدعاء موضوعٌ واسعٌ متشعّب، ولا يمكن الإحاطة بكل جوانبه في مقالٍ واحدٍ أو حتى عدة مقالات، إلا أنني أردت الإشارة لجانبٍ من الجوانب المهمة التي تتعلق به. المخلوقات ناقصةٌ تحتاج إلى ما يسد نقصها، وهي على هذا الحال دائما، لا تبلغ الكمال المطلق، لذلك فهي في حاجةٍ مستمرةٍ في كل آنٍ للكامل مطلقا، وهو الله عزّ وجل، فلو أن يد القدرة رُفعتْ عن المخلوقات للحظةٍ لباتت كلها عدمًا لا يذكر، ويتضح على إثر ذلك دوام الحاجة إلى الخالق تعالى. من أبرز وأهمّ مصاديق الاتصال واللجوء للغني المطلق الدعاء، فإنه يحمل بين طياته الكثير من الجوانب التعبدية والعقائدية، فهو لجوءٌ من العبد المحتاج الفقير إلى ربه الغني، ومن الداني إلى العالي، وهذا الإقرار الضمني في نفسه فيه ما فيه من الفوائد العظيمة، وله ما له من الآثار الروحية والمعنوية. مع ما ذكرنا -مختصرًا- نجد الإنسان في غفلةٍ عن حاجته الدائمة لله تعالى، فهو كما قلنا محتاج في كل آن، ولا يغنيه في ذلك سوى الله عز وجل، فإذا أصابه ضرٌّ أو احتاج في أمرٍ تجده يعود إلى ربه، بينما ينأ ويسارع بالابتعاد بمجرد عودة الرخاء،

من هنا وهناك (٢٨) قُصورُ الدَّوالّ

من هنا وهناك (٢٨) قصورُ الدوالّ هناك قضيةٌ كليةٌ ينبغي الالتفات إليها، وهي قصورُ الدوالِّ عن أداء المدلولات، فعالم المعنى كما هو ظاهرٌ أوسع بكثيرٍ من عالم الألفاظ وغيرها من الدوال، حتى أننا نجد أهل البيت عليهم السلام أشاروا لذلك في بعض الموارد، خصوصًا عندما يتعلق الأمر فيما هو خارج الزمان والمكان. ممّا يوضح ذلك عجزنا أحيانًا عن التعبير عن مشاعرنا، فإننا قد نعيش حالةً عميقةً جدًّا من الفرح والسعادة يظهر بعضها عبر ملامحنا وتصرفاتنا، ونُظهر جزءً منها عبر كلماتنا، لكننا نشعر وأن ما بداخلنا أكبر بكثيرٍ ولا نستطيع التعبير عنه، كذلك في جوانب الألم والحزن، ولعل ذلك يرجع في مثل هذه المشاعر لكونه علمًا حضوريا، بينما ما نحاول إفهامه للآخرين هو عبارةٌ عن علمٍ حصوليٍّ لنا ولهم. من الموارد التي ينبغي أن نحاول أن نُكثر من الدوالِّ فيها، موارد إبراز المحبة والمودة، خصوصًا مع الأهل والزوجة والإخوة من المؤمنين، فنُعبِّر بملامحنا ونظراتنا وأصواتنا وأفعالنا وهدايانا وكلماتنا، وقد تعجز كلُّ هذه عن أداء الرسالة. من الموارد المهمة التي أشار لها رسول الله (ص): (قولُ الرجلِ للمرأة إني أُحبكِ

من هنا وهناك (٢٧) رفعُ الكلفة لا الأدب

من هنا وهناك (٢٧) رفعُ الكلفة لا الأدب يتداول بعضنا مقولةً أجدها غير صحيحة، ولسنا بحاجةٍ لتوجيهها، وهي: (بين الأحباب تسقط الآداب)، لأنني أجد أن المطلوب هو عكسها تمامًا، فبين الأحباب ترتقي الآداب، ولنا في تعامل أهل البيت -صلوات الله عليهم- فيما بينهم خير مثال، فنجد رسول الله (ص) وهو خير الخلق يقف عند الباب ويستأذن الزهراء (ع) للدخول، ونجد أمير المؤمنين (ع) يجلس بين يدي رسول الله (ص) كالعبد بين يدي مولاه، وغيرها من المواقف الكثيرة جدًا التي ترتقي فيها الآداب لأعلى مراتبها. لعل بعض المؤمنين أراد بذلك رفع الكُلفة والتكلُّف بين الإخوة، لا التخلي عن الآداب والأخلاق الحميدة، من قبيل الاحترام والحياء وغيرها، وهو ما دعت له بعض الروايات ووجَّهت نحوه، فالمحافظة على الآداب وارتقائها بين المؤمنين، ورفع الكُلفة أمران مطلوبان معا، لا أن رفع الكلفة بين المؤمنين تعني إسقاط الآداب. عن أمير المؤمنين عليه السلام: (شَرُّ الإِخوانِ مَن تُكُلِّفَ لَهُ)[نهج البلاغة]. نعم.. الآداب والأخلاق الحسنة مطلوبةٌ من المؤمن في كل حالاته، فكيف يمكن إسقاطها في حالةٍ خاصةٍ جدا، وهي الأخوة بين المؤمنين؟!

من هنا وهناك (٢٦) قضاءُ حوائج المؤمنين

من هنا وهناك (٢٦) قضاءُ حوائج المؤمنين ينبغي للمؤمنين أن يسعَوا في قضاء حوائج بعضهم، وهو ممّا يحقق التماسك المطلوب للمجتمع المؤمن، فكلما اشتد سعي المؤمنين لقضاء حوائج إخوتهم زادت قوتهم، إذْ هم كالجسد الواحد، وقد أكد القرآن وكذلك الروايات على أهمية ذلك بطرقٍ متعددة، حتى عُدَّت حاجات الآخرين للمؤمن نعمةً عليه. هذه المقدمة ليست لنفي وجود هذه الحالة أبدا، بل للإشارة لوجودها واقعا، فهي صفةٌ من صفات المجتمع لا تزال موجودة، وقد أثبت المؤمنون ذلك في مواقفهم الكثيرة جدًا في هذا الاتجاه، وهي دون شكٍّ عصيةٌ على الحصر. إنما -اخترت الكلام في هذا الموضوع- من أجل تأكيد الحالة وضرورة المحافظة عليها أولا، ثم السعي الجادّ لتقويتها وإشاعتها بين أفراد المجتمع، وهو أمرٌ دون شكٍّ في غاية الأهمية. الجدير بالذكر أن هناك حالةً أخرى مرتبطةٌ بالحالة المذكورة، وهو مقابلة بعض المؤمنين لليد التي تُمد إليهم بالقبول حتى دون حاجتهم الفعلية، لبثّ روح الفرح في قلب من يَمد يدَه للمساعدة ومن أجل تشجيعه على الاستمرار على ذلك، وهي لعمري حالةٌ في غاية النبل والجمال لو تأملناها جيدا. محمود سهلان ٩ ديسم

من هنا وهناك (٢٥) يقترحونَ على الله!

من هنا وهناك (٢٥) يقترحونَ على الله! من المشاكل التي ظاهرها بسيطٌ لكن باطنها عميقٌ، مشكلة الاقتراح على الله تعالى ورسوله (ص) وخلفائه في أرضه (ع)، فيُطلق بعضنا كلامه دون أدنى التفات، فيقول: لو أن الله سمح بكذا. ويقول ثانٍ: لو أن الله خلقني في بلدٍ غير هذا البلد. ويقول ثالثٌ: لو أن رسول الله (ص) كتب الوصية ولم يعبأ بما قاله القوم. ويقول آخر: لو أن الإمام الحسن (ع) لم يصالح.. هكذا نتحدث دون أدنى التفاتٍ ولا اكتراثٍ بمقام من نتكلم عنه، فنجد قلوبنا غير مسلِّمةٍ لقوله وفعله، بينما ينبغي منا التسليم والرضا بما قالوا وما فعلوا، فإن الحديث هو عن الكمال المطلق جلّ وعلا، ثم من ثبتت لهم الولاية في طول ولايته تعالى، وثبتت لهم العصمة وغيرها من المقامات. ليس من الأدب في شيءٍ أن نقترح على الخالق الحكيم شيٌ، ولا من الأدب كذلك أن نتعامل بمثل هذا مع رسله وأوليائه، وإلا فإنا نثبت غفلتنا عن هذه المقامات العظيمة، ونثبت نوعًا من الخلل في عقيدتنا بهم، بل من الأدب أن نسلِّم ونرضى لما قالوا وما فعلوا، وأن نلتزم به كله دون بخسٍ لأي شيءٍ منه. آيات القرآن الكريم والروايات الشريفة ترفض أن يجد الإن

من هنا وهناك (٢٤) اختلاف زوايا النظر

من هنا وهناك (٢٤) اختلاف زوايا النظر عندما ننظر لجسمٍ ما له أبعاده فإننا ننظر له من زوايا مختلفة، وباختلاف الجهات قد يختلف الحكم، فلو نظر شخصانِ أو أكثر إلى مجسٍّمٍ ما، فإن كلّ فردٍ منهم سيبدي وجهة نظره وفق ثقافته الشخصية وذوقه بالإضافة لزاوية النظر، فقد يرى الأول المجسم في غاية الجمال، ويراه الآخر عاديا، ويراه ثالثٌ قبيحا، ولا إشكال في ذلك. في الأفكار لا يختلف الأمر كثيرا، فيختلف كل فردٍ في تقييمه للأفكار بحسب زوايا النظر وبحسب الثقافة وما إلى ذلك من مؤثراتٍ تتدخل في تكوين الرأي، فقد يراها البعض فكرةً رائعة، ويراها غيره سيئة، وهذا أمرٌ طبيعيٌ جدا، فالاختلاف بين الناس طبيعيٌ ومن شأنه أن ينتج. إذن عندما نختلف في تقييم أمرٍ ما، سواء كان ماديًا أم ذهنيًا، ينبغي أن نعتبره أمرًا عاديًا بل صحيًّا لأننا بشرٌ لنا خلفياتنا في الحكم والتقييم، فلا يصح التشنيع على الآخر ولا تسقيطه عندما يقدم رأيًا مختلفًا فيما يصح فيه الاختلاف والتنوع. يبقى من الضروري أن نشيرَ إلى أن بعض الأمور لا يصح الاختلاف فيها بتاتا، وهي ليست بالقليلة، ومن أوضحها وحدانية الله تعالى، وهي ثابتةٌ بعدد أنفاس الخ

من هنا وهناك (٢٣) خطر الانبهار

من هنا وهناك (٢٣) خطر الانبهار لا يشك أحدٌ بمستوى التقدم العلمي والتكنولوجي للشرق والغرب، فمظاهر ذلك باتت جليةً في العديد من المجالات، وفي التقنية والصناعة خصوصًا، وهذا التقدم والتفوق له أسبابه التي ليس المقام مقامَ الحديث عنها. المحذور الذي ينبغي أن نلتفت إليه هو الانبهار بما قدموه، حيث نتجاوز به الحد الذي نجعله له من القيمة، إذ أن بعضنا يسريه إلى مجالاتٍ أخرى، في الواقع هم في غاية السوء فيها، ومن أوضحها مستويات الأدب والأخلاق والحشمة المنحطة أشدَ الانحطاط. مع وضوح ذلك نجد أبناء مجتمعاتنا تتلقّف انحطاط الآخر في أخلاقه ولباسه وطريقة معيشته وغيرها. من الأمور التي لاحظت أنهم يعملون عليها في الفترات الأخيرة قضية العلاقات بين المثليين والعياذ بالله، وهم يُسوِّقونها اليوم من خلال كرة القدم، فقد سبق قبل أشهرٍ أن ارتدى قائد أحد المنتخبات الأوروبية شارة القيادة على هيئة شعارهم، وكان يتفاخر بذلك ويتفاخرون، واليوم الدوري الانجليزي بأكمله يروج لذلك من خلال استعمال الألوان ذاتها، ولست أخمن ذلك من نفسي، فهو أمرٌ معلنٌ يتفاخرون به. بالمناسبة هناك لهذه الفئة جمعياتٌ عالميةٌ ورموز وأ

من هنا وهناك (٢٢) خطر الاختصاص

من هنا وهناك (٢٢) خطر الاختصاص بعض المؤمنين عندما يكون المتحدث هو الطبيب فيكون بنظره مختصًا ولا كلام بعده، وعندما يكون المتحدث مهندسًا يكون حينها مختصًا ولا كلام يعلو على كلامه، وهكذا يتعاملون مع كل ذي اختصاصٍ في اختصاصه.. عندما يُشخِّص الطبيب علّته ويصف له العلاج والدواء فإنه لا يسأل عن أي مقدمات، والطبيب لن يعيد التجارب العلمية أمامه على أي حال، وكذلك عندما يرسم المهندس خارطة منزله لا يطلب منه أن يعطيه كل المقدمات، ولا يسأله عن تفاصيل عمله، وذلك لأنه مختصٌ تعلّم وبذل جهده حتى صار بهذا المستوى.. الغريب أن هذا الشخص ذاته عندما يقول عالم الدين شيئًا في أمرٍ يتعلق باختصاصه، فلا يتعامل معه على أنه مختص، ويشكل ويعارض دون درايةٍ كافيةٍ ودون مقدمات، ويظل يسأل ويستنكر على العالِم الذي هو متخصصٌ في هذا الشأن! فأين ذهبت سمة التعامل مع المختص في التخصصات الأخرى؟! قد يقول البعض أن الطب خطيرٌ فإنه قد يؤدي لتعطل عضوٍ أو إلى الموت، وقد يقال أن عمل المهندس خطيرٌ فلو أخطأ في عمله قد يسقط المبنى على من يسكن فيه، وعالم الدين لا يواجه نفس الخطر لذلك يسوغ التعاطي معه بمثل ما مضى بيانه..

من هنا وهناك (٢١) الصدق وإطلاق الكلِم

من هنا وهناك (٢١) الصدق وإطلاق الكلِم تبلغ الكلمة من الخطورة ما تبلغ الأفعال الأخرى، بل وتتجاوز خطورة غيرها من الأفعال كما أشرنا في مقالةٍ سابقة، لذلك وجدنا الروايات تؤكد خطر اللسان من جهة، وفضيلة الصمت وقلة الكلام من جهةٍ أخرى.. قد يسأل سائلٌ متى أتكلم؟ نقول أن الفعل سواء كان باللسان أو بأي جارحةٍ لا بد أن يكون عن حكمة، ولعل الأصل هو عدم الفعل، وفي الكلام يكون الأصل هو الصمت، لذلك ينبغي أن يكون اتخاذ الفعل مستندًا إلى الحكمة، فلا يكون لغوًا ولا عبثا، ولا يكون وبالًا على القائل أو على غيره.. الكلام سواء كان إخبارًا عن حدثٍ أو معلومةٍ أو غير ذلك، لا بد أن يتوافر على بعض الأمور قبل إطلاقه والكون في وثاقه، حيث ينبغي أن يكون صحيحًا صادقًا أو به مصلحة ما، وأن يكون التحدث به والإفصاح عنه راجحًا على السكوت، وأن يناسب مقتضى الحال، وأن يكون المتحدث صادقًا مع نفسه، ومع قيودٍ أخرى ربما بحسب ما تقتضيه الحكمة، ثم يصح إطلاقه، وإلا فحفظ اللسان أولى من تحمل تبعات الكلام. لذلك نجد أن أصدق الكلام وهو كلام العترة الطاهرة (ع) قد أُمرنا بعدم نشره كله، بل لا بد من مراعاة الكثير من الحي

من هنا وهناك (٢٠) أحسن الظنِّ بالله

من هنا وهناك (٢٠) أحسن الظنَّ بالله  قال الرضا (ع): (أحسن الظنَّ بالله فإنّ الله عزَّ وجلَّ يقول: أنا عند ظنِ عبدي المؤمن بي، إنْ خيرًا فخيرًا وإنْ شرًا فشرًا)[الكافي/ج٢]. المطلوب من المؤمن أن يحسنَ الظن بالله، فإنه بين أن يظن خيرًا أو يظن شرًا، فإنه سبحانه كما في الرواية لم يقل: (أنا عند حسن ظن عبدي)، بل قال: "أنا عند ظن عبدي"، فأتبعها بقوله: "إن خيرًا فخيرًا وإن شرًا فشرًا"، أي إنك إن ظننت خيرًا تُجازى خيرًا وتحصد خيرا، وإن ظننت شرًا فبالعكس من ذلك فالجزاء ممثالٌ لظنك. لما مرّ نجد أن الإمام (ع) يأمر بحسن الظن بالله، لكي تجد الخيرَ بظنك الخيرَ بالله، ولا يخفى ما في ذلك من ارتباطٍ بين إيمان العبد بالله وبين ظنه، فالأمر لا يتوقف على الظن فقط، فهو حتمًا لا بد أن يكون عن علةٍ أدت بالمؤمن له، وكذلك من ساء ظنه بالله فالأمر راجعٌ لعلةٍ ما فتأمل. بالتالي فإننا إن واجهنا أمرًا أو طلبنا من الله تعالى شيئًا فينبغي أن نتقبّل ما نواجه وأن نرفع الدعاء مشفوعًا بحسن الظن بالله، فنسلم ونرضى ونحمد الله على كل حالٍ حتى فيما يكون مؤلمًا ومفجعًا، وأن نتيقن من أن الله

من هنا وهناك (١٩) خطر ذنب اللسان

من هنا وهناك (١٩) خطر ذنب اللسان نخاف أكثر ما نخاف -كمؤمنين- من الأفعال المخالفة للشرع ونعتبرها ذنوبا، وهذا أمرٌ ضروري، فينبغي أن نتورّع عن كل فعلٍ مخالفٍ للشريعة الإسلامية، إلا أننا نغفل عن ذنوب اللسان، فلا نعدها ذنوبًا تارةً ونستصغرها أخرى.. ذنوب اللسان كثيرةٌ جدا، وقد تكون أكثر خطرًا من الأفعال والتروكات الأخرى؛ أي فعل المحرمات وترك الواجبات، فالكذب والغيبة والنميمة وغيرها ذنوبٌ لا تقل عن الأفعال الأخرى، كالضرب والاعتداء على الغير والنظرة المحرمة وما شابه من أفعال. في الواقع الكلام أيضًا فعلٌ نقترفه بجارحةٍ من الجوارح، ولعلها تكون أخطرّ الجوارح، فبها نعبّر عن مكنوناتنا ومشاعرنا وأفكارنا، فالتواصل عن طريق الألفاظ هي الطريقة الأكثر شيوعًا بين الناس، فكم نُطلق في اليوم الواحد من الكلمات؟ وكم ذنبًا نحتمل أن نُصيب على إثرها؟ وما هي الآثار التي نترقبها؟ وما هو امتدادها؟ نعم.. قد نطلق كلمةً نقطع بها رزقا، وأخرى نُهين بها مؤمنا، وثالثةً نقطع بها رأسا، ورابعةً نُظلّ بها أمة، أتلاحظون معي خطورة الكلمة، وخطورة اللسان؟! محمود سهلان ٢٢ نوفمبر ٢٠١٨م

من هنا وهناك (١٨) منابر الصِّبيان

من هنا وهناك (١٨) منابر الصبيان من أشراط الساعة أن يخطبَ الصبيان على المنابر، هذا ما أفاده رسول الله (ص)، ولعل ذكر الصبيان لأنهم أحداث لم يبلغوا الرشد أو أن تجاربهم في الحياة قليلة، فهُم على أي حالٍ أقل حكمةً ووعيًا عادةً ممن بلغ من العمر ما بلغ، فالمسألة كما أرى مرتبطةٌ بالمستوى الفكري للفرد وبُعده عن الحكمة، فهي ليست متعلقةً بالسن فقط. نرى اليوم الكم الهائل ممن نصب له منبرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا عبر تطبيقات (سناب شات) و(انستغرام)، وفي الواقع إن مجموعةً كبيرةً من هؤلاء لها صفات الصبيان، فمنابرهم منابر صبيان، لا علم فيها ولا وعي ولا حكمة ولا فكر، بل كلامٌ فارغٌ وخفة عقلٍ وتفسخٌ وغير ذلك مما تجده هنا وهناك.. المشكلة الأخطر ليست فيهم بأنفسهم، بل في الكم الهائل من المتابعين والمعجبين!! نعم فلو كنا نتعامل بشكلٍ جيدٍ مع أمثال هذه الظواهر السلبية، لما أعطيناها الأهمية التي حصلت عليها اليوم، ولتعرضت للتراجع والاندثار، بينما نجد أنها باتت مؤثرةً بالمجتمع وبشكلٍ سلبيٍ بكل وضوح.. "لو سكت الجاهل لما اختلف الناس"، ولكن الجهلة لم يسكتوا، والناس تستقي من ال

من هنا وهناك (١٧) الزواج مسؤوليةٌ اجتماعية

من هنا وهناك (١٧) الزواج مسؤوليةٌ اجتماعية عندما يُقدِم أي فردٍ على الزواج ينبغي له أن يلاحظ عدة أمور، وقد أشارت الروايات الواردة عن رسول الله (ص) وأهل البيت (ع) للعديد من الجوانب التي لا يصح تجاهلها ممن يقدم على هذه الخطوة. الكثير من الروايات تحدّثت عن المواصفات التي ينبغي مراعاتها في الزوجة، سواء كانت مواصفاتها الشخصية أو بيئتها التي تربّت فيها وأسرتها، فأشارت لما ينبغي توفَّره في الزوجة، كما أشارت لمن ينبغي تجنبها لبعض الأسباب، وليس المقام مناسبًا للحديث عنها. هذه التنبيهات والتوجيهات من الشارع المقدس لم تكن عبثية، ففيها صالح الزوجين ثم الأولاد، وهو مطلبٌ مهمٌ دون شك، ثم أن انعكاسات هذه الحالة الاجتماعية -أقصد الزواج- على المجتمع أمرٌ واضح، لذلك أوصى الشارع بالتخيّر للنطفة، فإن هؤلاء الأولاد يتأثرون وراثيًا وتربويًا وفكريًا وأخلاقيًا بما يكون عليه الأبوان والأجداد والمحيط، بل أن الوراثة قد تكون من أحد أجداد الأجداد. المسألة إذًا لا تتعلق بنفس الزوجين فقط، بل وليس هم مع الأولاد فقط، بل تتعلق بالمجتمع كله، لذلك فإن شعور المؤمن بالمسؤولية تجاه المجتمع ينبغي أن يدفعه ل

من هنا وهناك (١٦) خصوصيّة المؤمن

من هنا وهناك (١٦) خصوصية المؤمن يُسيء بعض المؤمنين للبعض الآخر منهم، حتى يصل الأمر لإخراجهم من دائرة الإيمان، والحال أن الله تعالى ورسوله المصطفى وآله الأطهار صلوات الله عليهم قد بيّنوا ما يجعل الإنسان داخلًا في الدائرة أو خارجًا عنها، حتى أن بعض الذنوب الكبيرة لا تُخرج المؤمن من الدائرة بتلك السهولة التي نجدها على ألسنة البعض. من أجل خيارٍ أو توجهٍ أو تيارٍ ما اختاره المؤمن، أو لذنبٍ ارتكبه، لا يتردد غيره من المؤمنين من إخراجه من دائرة الإيمان، ولا ندري من أين منح نفسه الحق في ذلك؟! في حين نجد الله سبحانه وتعالى يغفر له بل ويستر عليه، وكذلك فعل رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع).. التعامل بين المؤمنين له خصوصياتٌ كثيرة، ونفس المؤمن وماله وعرضه وكل ما يتعلق به له قيمةٌ خاصةٌ عند الشارع المقدّس، فيلزم من ذلك أن نتعامل فيما بيننا بما يتناسب ومنزلة المؤمن الخاصة، على اختلاف درجات الإيمان، فلا يبرأ صاحب الدرجة الأعلى من صاحب الدرجة الأدنى، بل يحترمه ويداريه ويسعى لرفعه إليه، هذا فيما لو تمكن من تحديد درجته ونسبتها إليه. أكاد أجزم بأن قلبَ سيدنا الإمام المهدي المنتظر -عجّل ا

من هنا وهناك (١٥) لنُقدِّر جهودَ الآخر

من هنا وهناك (١٥) لنقدِّر جهودَ الآخر يبذل الإنسان الكثير من الجهود في إطار علاقاته الاجتماعية وما يتعلق بها من واجبات، بل ويزيد على واجباته ربما، وقد يجد مَن يقدر ذلك أحيانا، بينما قد لا يجد أي تقديرٍ لجهوده أحيانًا أخرى، وهي مسألةٌ مهمةٌ تستدعي الانتباه بجد. من شأن الحِرمان من التقدير أن يضرَ بالعلاقات الاجتماعية، خصوصًا الممتدة منها كالزواج، فما أكثر ما تتعرض العلاقة بين الزوجين للضربات المختلفة، ومن أقواها شعور أحد الطرفين أو كليهما بعدم التقدير من شريكه، فالزوجة تريد من زوجها أن يظهرَ تقديره لما تقوم به من خدمةٍ بالمنزل، وتربيةٍ للأبناء، وجهودٍ في خدمته شخصيا، كذلك الزوج يريد من الزوجة أن تظهر تقديرها له ولعمله من أجل الكدّ عليها وعلى عياله، وهكذا في غيرها من العلاقات. البعض قد يقول أنا أُقدّر ما يقدمه لي شريكي، إلا أنني لا أُعبّر عن ذلك، لكننا نُجيب عليه أن الشريكَ كيف سيعرف أنك تقدره فعلا، وإن كان رضاك وتقديرك الباطني سينعكس على تصرفاتك، لكنه في الغالب يصعب أن يُلاحظ، بينما تعبيرك عن تقديرك بالقول أو بالفعل بهديةٍ أو غير ذلك لا يمكن أن يخفى، ويبقى أثره في نفس الطرف

من هنا وهناك (١٤) المستحبات أدبٌ

من هنا وهناك (١٤) المستحبات أدبٌ قد نلتزم بأداء الواجبات بما يُسقط الأمر المتوجه، ونترك المحرمات التزامًا بالنهي عنها من قبل الشارع المقدس، مراعاةً لما نتجنب به العقوبة، وهو أمرٌ جيدٌ على أي حال. المستحبات والمكروهات عندنا لا تحظى -كما يبدو- بقيمتها المستحقة لها، وذلك يظهر من تغافلنا عن أداء أبسط المستحبات، وارتكابنا للمكروهات التي يمكن الاستغناء عنها بيسر، إذ مع قليلٍ من الالتفات لما لها من آثارٍ ومن ثوابٍ لجعلناها نصب أعيننا، وهو ما لا نجده في الواقع. نعم.. للمستحبات آثارٌ وكذلك للمكروهات، فمن شأن المستحبات أن تؤثر في سير حياتنا للأفضل، بل هي طريقٌ لبلوغ أعلى مستويات الإيمان والتقوى بالدنيا، وأعلى المراتب والدرجات بالآخرة، ولفعل المكروه آثاره أيضا، فمهما صغُر الأثر الأولي يُحتمل أن تترتبَ عليه أمورٌ كثيرة، فبعض المكروهات مثلًا تؤثر على مزاج الإنسان، وبالتالي قد يترتب على تعامله مع أهله ويؤدي لنتائج سلبيةٍ جدا. من جهةٍ أخرى، أجد أن القيام بالمستحبات وترك المكروهات بالقدر الممكن يعكس صدق المكلّف مع ربه، ويعكس تأدبه معه، وكأن المكلف يقول: يا إلهي وإن لم تلزمني بالفعل أ

من هنا وهناك (١٣) إشاعة الفاحشة

من هنا وهناك (١٣) إشاعة الفاحشة إشاعة الفاحشة في المجتمعات بأي صورةٍ كانت لها آثارٌ سلبيةٌ كثيرة، فانتشار أي أمر يجعله مألوفًا بين الناس، فيغدو الكبير منه لا يزحزحهم ولا يحرك لهم ساكنا، ولا يرف لهم جفنا، لذلك كان التنبيه من الشارع المقدّس على ضرورة إخفاء بعض الأمور، منها الفواحش وهي محل كلامنا، ومنها عورات الناس، وغيرها.. إذا سمحنا للفواحش بالانتشار بيننا فنحن تلقائيًا نسمح لأنفسنا بالتخلي عن سمة الحياء، وهي صفةٌ وخلقٌ من أهم الأخلاق الإسلامية والإنسانية، وهو أدبٌ ينبغي المحافظة عليه وتقويته لا تضعيفه، كما أنها تجعل المجتمعات تتماهى مع الفظائع والمنكرات من الأفعال وتتمايع معها، فيكون ذكرها في محضر الناس كذكر أي أمرٍ آخر ليس له تلك الأهمية، وهو راجعٌ لاعتياد النفس عليه وتعرضها للفساد ومخالفة الفطرة، كما أنها تُؤلِم من حافظ على فطرته من المؤمنين وتتسبب له بالأذى.. لذلك ينبغي للمؤمنين والمؤمنات مع امتناعهم أولًا عن ارتكابها، عدم المساهمة في نشرها، وهو أمرٌ يبدو لي بديهي الأهمية، لكن ما نراه من البعض أنهم يتناقلون الصور والفيديوهات والكلمات غير المحتشمة دون أدنى اهتمام، بل لع

من هنا وهناك (١٢) منظارُ الناقد

من هنا وهناك (١٢) منظارُ الناقد تقييم الآخرين لك ونقدهم أمرٌ من الجيد أن تأخذه في الاعتبار، سواء كان الآخر قريبًا أم بعيدا، صديقًا أم عدوا، لكن مع الالتفات إلى أن من يقيمك وينتقدك في أي أمرٍ له منظاره الخاص، وله ثقافته الخاصة وطباعه وآدابه الخاصة، وهي تتدخل بطبيعة الحال في نظره للأمور. هناك عدة أمور ينبغي أن تلاحظها جيدا، أذكر منها أمرين: الأول: أن يكون الناقد ممّن يصح له ذلك، كأن يكون مختصًا في الجانب الذي يتناوله، أو يكون ممن يتمكن من التقييم لسببٍ أو لآخر. لثاني: أن لا يكون ما يبني عليه الناقد نقده مخالفًا لثقافة الثقلين فيما ينبغي أن يرجع إليهم فيه، فقد يتسبب بُعده عن هذا النبع الصافي بسلبياتٍ ومشاكلَ كثيرة، فيضرك من حيث أراد نفعك. كذلك ينبغي الانتباه والمراجعة الشخصية لما يقال في حقك، فقد يكون الناقد يبالغ في مدحك فيؤثر في نفسك سلبًا بتسرب الغرور إليك، وقد يكون مجحفًا فيتسبب في كسر همتك وعزيمتك، بينما لم يكن مصيبًا في كلامه. قال تعالى: (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)[القيامة/١٤]. محمود سهلان ٨ نوفمبر ٢٠١٨م

من هنا وهناك (١١) لا تُحمِّله ما لا يحتمل

من هنا وهناك (١١) لا تُحمِّله ما لا يحتمل يحتاج عامة الناس من كل علمٍ ما يتصل بحياتهم العملية، فعندما يريد الإنسان بناء بيتٍ له يذهب للمهندس ليُعد له الخرائط اللازمة، ولا يهتم للتفاصيل العميقة والدقيقة التي تهم المختص، وكذلك عندما يذهب للطبيب أو لغيره من المختصين. هذا أمرٌ ينبغي أن يجعله المختص في ذهنه، لأن مثل هذه التفاصيل التي يفهمها المتخصص قد تضر بعامة الناس وبالمجتمع إذا أنزلت إليهم، فهي بطبيعة الحال تحتاج لدراسة معمقةٍ بعد مقدماتٍ عديدةٍ حتى يتمكن الإنسان من فهمها، فلا يصح طرحها لعامة الناس الذين لا يمتلكون أبسط المقدمات، في قبال أفرادٍ بذلوا أعمارهم في هذا التخصص أو ذاك. هذه المشكلة نعانيها اليوم بوضوحٍ في العالم الإسلامي، فمع التطور التكنولوجي ومع توجّهات تبسيط المطالب في البحوث، نزلت الكثير من العلوم لعامة الناس، الذين يفتقدون لأبسط المقدمات لفهمها، لا لنقصٍ فيهم دون شك، لكن ذلك لأنهم لم يسلكوا طريق العلم الموصل إلى الفهم المطلوب، وعليه فتكون هذه الحالة سلبيةً لما لها من آثارٍ سلبيةٍ على عامة المؤمنين. مسألةٌ مهمةٌ ينبغي أن يلتفت إليها المتصدّون للدراسات الإس

مفاتيح فقهية (١): طرق تحقيق الطاعة

مفاتيح فقهية (١): طرق تحقيق الطاعة ينبغي للمكلَّف بالشريعة المقدسة سلوك أحد ثلاثة طرقٍ لتحقيق الطاعة لله تعالى والخروج عن عهدة التكليف، وهي: الأول: الاجتهاد: وهو بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة. - لا يجوز للمجتهد تقليد غيره، بل عليه العمل برأيه، أما في المسائل التي ليس له رأيٌ فيها فيجوز له التقليد أو الاحتياط. الثاني: الاحتياط: مأخوذٌ لغةً من الحذر والتحرز، وفي الشرع هو: العمل الذي يبعث على الاطمئنان واليقين ببراءة الذمة وتحقيق رضا الله تعالى بامتثال التكليف الواقعي المجهول. - الاحتياط عملٌ ممدوحٌ من العقلاء، وقد وردت فيه بعض النصوص، وحَريٌ بالمؤمن أن يسعى للاحتياط في أمر دينه، وجاء في إحدى الروايات -مضمونًا- أن أخاك دينك فاحتط لدينك. - إحراز ما يقتضيه الاحتياط التام متعذرٌ أو متعسرٌ غالبًا على غير المتفقه. - توجد بعض الموارد يتعذر فيها الاحتياط فلا بدّ حينئذٍ لغير المجتهد من التقليد فيها. الثالث: التقليد: حيث لا يكون المكلف مجتهدًا ولا محتاطًا يجب عليه أن يكون مقلدًا للمجتهد الجامع للشرائط، ويكفي في تحقق التقليد العزم على الرجوع إليه

مراجعة رسالة: براءة المطمئن

مراجعة رسالة: براءة المطمئن. تأليف: السيد محمد السيد علي العلوي. الموضوع: رسالةٌ مختصرةٌ في مقاصد ومضامين قوله تعالى: (ما نعبُدُهم إلا ليقرِّبونا إلى الله زُلفى). * مقدمة: وفيها عدة نقاط: - يتألق الإنسان في بنائه الفكري إذا استوعب وعاش مسؤولية البناء. وقد ألقى أهل البيت (ع) الأصول وقالوا أن علينا -نحن الشيعة- التفريع، وهذه الأصول أصولٌ لكل شيء، للعقيدة والفقه والأخلاق والفكر وكل مجال. - يتراجع التألق بالانشغال بالمناوئين والتهم من المخالفين. ونحن نعلم أن المخالفين كانوا وما زالوا يكيلون التُهم لشيعة أهل البيت (ع). - استمرار الفعل من الآخر ورد الفعل من علمائنا بما يفي بالغرض، لكنه استمر حتى جاء من ينادي بمراجعة وتنقية التراث. - أهم التهم الموجَّهة هي اتهام الشيعة بالشرك والغلو. - ينفي المصنف التهمة ويبين بعض مقامات أهل البيت (ع) من خلال الروايات. - ما تتعرض له هذه الرسالة هو إبطال استدلال المخالفين على شرك وغلو الشيعة. * مسألة: الانطلاق من قوله تعالى: (ما نعبُدُهم إلا ليقرِّبونا إلى الله زُلفى)[الزمر/٣]. والحديث عن ثلاث مفردات: نعبدهم، وليقربونا، وزلفى.

مراجعة كتاب: المسؤول في النية والفعل والمفعول

مراجعة كتاب: المسؤول في النية والفعل والمفعول. للكاتب: السيد محمد ابن السيد علي العلوي. عدد الصفحات: ٥٠ صفحة. يقع البحث في مقدمةٍ وخمسة مباحث وخلاصة. * المقدمة: اشتملت على بعض النكات المهمة، ولعل أهمهما اثنتان: ١- لا يرِد أو يعرض النقص على الدين بعد تصريح القرآن بتمامه وكماله. ٢- ينبغي الرد على الإشكالات الواردة على الإسلام وخصوصًا من جهة العقيدة بما يُخرج المؤمن بضرورة وجود خالقٍ لهذا الوجود من الإجمال في إيمانه إلى التفصيل والدقة. يبين المصنّف بعد ذلك في عرضٍ موجزٍ أسباب عقد هذا البحث. * المبحث الأول: معاقد المشكلة: في بداية المبحث يبين المصنف طريق التفكير ومُنطلقه للكشف عن المجهولات، ثم يتعرّض لبعض الإشكالات التي قد نواجهها في البحوث الإلهية العليا: ١- مشكلة الإجابة عن طريق الانحباس في القياس والمقارنة على عالم الإمكان. ٢- مشكلة تمحور الإنسان حول ذاته. ٣- مشكلة ضيق العبارة. ٤- مشكلة تكرار ما قيل على اعتبار أن هذا التكرار علمٌ واحترامٌ للعلم والعلماء، وكذلك المناقشات حيث إنها محصورةٌ في دوائر ضيقةٍ قد تتسم بالعمق، ولكن ليس بالسعة. بيّن ال

من هنا وهناك (١٠) مصادماتٌ بلا داعٍ

من هنا وهناك (١٠) مصادماتٌ بلا داعٍ كثيرًا ما نجد بعض العبارات التي تُصادم وتقارن بين الأمور دون داعٍ إلى ذلك، بل بعضها مقصودٌ ويراد منه بعض المقاصد، فيقولون مثلا: فلانٌ يصلي بالمسجد جماعةً بالصف الأول لكنه يغتاب ولا يؤدي ديونه، أو أنه يصلي وقلبه ليس حاضرًا مع ربه، وغيره يتمشى بالطرق ويظل ذاكرًا لربه، ويقولون أيضًا: فلانة لا ترتدي الحجاب لكنها أشرف من بعض من يرتدينَ الحجاب. البعض يطلق مثل هذه العبارات بحسن نية، والبعض يطلقها من أجل تشويه سمعة فئةٍ معينةٍ ورفع فئةٍ أخرى، فأشرفية من لا ترتدي الحجاب وحضور قلب من هو يمشي بالطريق خارج المسجد حسناتٌ لهم، وقد قُورِنت بسيئات غيرهم، والفهم عليك أيها القارئ. هذه الطريقة ينبغي أن لا نتبعها من جهة، كما لا ينبغي أن تنطلي علينا من جهةٍ أخرى، فالكثير من المغرضين بالإسلام يتبعونها، وكثيرًا ما نقع في فخهم، بينما الصحيح أن نقول: من المهم أن نصلي بالمسجد مع حضور القلب والامتناع عن المنكرات والفواحش، وكذلك نقول: ينبغي أن ترتدي المرأة الحجاب وتحافظَ على شرفها وعرضها. هذا يبدو أفضل بكثير، فمن ترتدي الحجاب ينبغي لها المحافظة على شرفها، ومن

من هنا وهناك (٩) كفرٌ ببعض الدين

من هنا وهناك (٩) كفرٌ ببعض الدين قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)[النساء/١٥٠]. وإن كان الكلام في الآية عن الذين كفروا وعن إيمانهم ببعضٍ وكفرهم ببعض، إلا أننا نستطيع أن نشيرَ لوجود هذه الحالة بيننا، وليس على مستوى الفعل فقط، بل هناك من بات يصرح برفضه لبعض تعاليم الإسلام، حتى الضرورية الثابتة منها.. الإسلام جاء كأطروحةٍ كاملةٍ تامةٍ تغطي جميع جوانب الحياة عقَديًا وفكريًا وأخلاقيًا وفقهيا، فلم يترك شيئًا يحتاجه الإنسان إلا وقد تعرض له، لذلك لا توجد جنبةٌ ناقصةٌ غفل عنها، ولا يمكن الإشكال عليه من هذه الجهة، فإن لم يصرح ببعض الأمور نصًّا فإن الأصول موجودةٌ والتفريع عليها ممكنٌ كما ورد عن أهل بيت العصمة عليهم السلام. هذه الأطروحة الكاملة ينبغي الالتزام بكل ما جاء فيها، والكفر بأي أمرٍ كبيرٍ أو صغيرٍ منها له تبعاته، وهو ما نعانيه اليوم مع الكثير ممّن يرفضون بعض أوامر الشريعة صراحة، قولًا و

من هنا وهناك (٨) المودة والرحمة بين الزوجين

من هنا وهناك (٨) المودة والرحمة بين الزوجين قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم/٢١]. جعل الله تعالى بين الأزواج مودةً ورحمة، فما إن يتمَ العقد بين الزوجين يجعل الله لهما ذلك، وهي نعمةٌ كبيرةٌ على الإنسان لو تفكّر، تُحقق له الاستقرار والسكينة. هذه المودة وهذه الرحمة المجعولتان من الله قد نُعاجِلهما بعدة ضرباتٍ بأفعال سابقة على العقد أو بعده أو فيه، وهذا ما نجده متحققًا بما يشترطه كل طرفٍ على الآخر، أو لجهات النظر من كل شريكٍ لشخصية الآخر عند الاختيار، أو التصرفات الخاطئة والمخلة أثناء مراسم الزواج أو غيرها، فنقضي عليهما دون أن نلتفتَ إلى ذلك، فنخسر هذا الجعل الرباني الذي هو من صالح حياة الزوجين. ينبغي للأزواج السعي للرجوع لهذا الجعل وإزالة موانعه التي لولاها لتحققت المودة والرحمة بينهما، فمهما كانت تلك الموانع صعبةً فإن إزالتها في الغالب ممكن، وكم هو رائعٌ أن يبادر كل طرف نحو ذلك، لما فيه من خيرٍ له ولشريكه. ي

من هنا وهناك (٧) مصانع الإعلام الفاسد

من هنا وهناك (٧) مصانع الإعلام الفاسد تَعمد آلات الإعلام للعبث ببعض المفاهيم وصناعة بعض الثقافات وزرعها بالمجتمعات، وذلك عن طريق البرامج والمسلسلات والمسرحيات والأفلام وغيرها، بل حتى عن طريق المسلسلات الكارتونية والإعلانات. تنزل هذه المفاهيم والثقافات لبيوتنا ومجتمعنا بشكلٍ ممنهجٍ وتتغذى بها عقول الكثيرين، فتتقمصها وتمشي بها وقد تدافع عنها دون أدنى وعي، فتتشكل على إثر ذلك الكثير من الظواهر الاجتماعية سواء داخل الأسرة أو خارجها، فنتفاجئ بها بما أننا لا نعلم مصدرها في كثيرٍ من الأحيان. لا بدّ لنا من الالتفات جيدًا لما نتلقاه من الجهات الإعلامية، خصوصًا من القنوات المعروفة بالسعي الواضح نحو الإفساد، أما التعاطي معها بأريحيةً تامة -وهو الحاصل- فنتائجه سيئةٌ جدا، ولو أردنا أن نضرب أمثلة لذلك فإنها ستكون كثيرةً جدا، وليس المقام لذكرها مناسب. إنْ لم تنتبهوا لأنفسكم فلا تتركوا أطفالكم يبثُّ فيهم كل من هبّ ودبّ ما يريد، ويُطعمهم ما يريد، ويصنعهم كما يريد.. محمود سهلان ٢٥ أكتوبر ٢٠١٨م

من هنا وهناك (٦) الفقر الروحي

من هنا وهناك (٦) الفقر الروحي خلقَ الله تعالى المخلوقات ويعلم حاجتها وافتقارها، ويعلم بما يسد كل ذلك، ويعلم بطريق صلاح كل مخلوقاته، وعلى أساس هذا حدد وجهة المكلفين، وأرشدهم لطريق كمالهم. ابتعد الكثيرون عما رسمه المولى عزّ وجل، فلم يلتزموا بما شرَّع من أحكام، ولم يلتزموا بأعماق العقيدة بل حتى بظاهرها، وهو بطبيعة الحال يخلق خللًا في أنفسهم وفي حياتهم ككل، حيث إن فقر ممكن الوجود (المخلوق) لا يمكن أن يرتفع بغير ما أراده الخالق وجعله رافعا للفقر وأرشد إليه. الافتقار الروحي يُعد من أشدّ أنواع الفقر وأكثرها إيلامًا وإضرارًا بالنفس الإنسانية، لذلك تجده يحاول سدّ هذا الفقر فلا يتمكن بما أنه ابتعد عما رسمه خالقه العالم بأحواله، فينتهج مناهجَ متعددة لكنه يعيش وهمها دون الوصول للنتيجة المرجوة، التي تُغنيه عن فقره وتقوده لكماله.. من أوضح الظواهر في هذا الجانب هو توجه الكثيرون للقراءة لكُتّابٍ حاولوا الاستغناء بأنفسهم عما أراده الله تعالى، بالإضافة لكون بعضهم بعيدون كل البعد عن الإيمان الذي أسس له الشارع المقدس عن طريق التمسك بالثقلين الشريفين. محمود سهلان ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨م

من هنا وهناك (٥) الستر على المؤمنين

من هنا وهناك (٥) الستر على المؤمنين البعض يسعى في كشف ستر وعورات المؤمنين، ويعيش الأمر كهوايةٍ يتلذّذ بها، متناسيًا مقدار الألم الذي قد يسببه لهم، ومتناسيًا ما وعد الله به من كشف عورة مثله، جزاءً لعمله القبيح. هناك آخرون قد ستر الله ذنبهم وجرمهم لكنهم للأسف لا يرتدعون عن كشف وفضح أعمالهم، وهو أمرٌ خلاف العقل والحكمة، وخلاف ما أراده الشارع المقدس. فلنتخلّق بأخلاق الله تعالى، حيث إنه يُظهر محاسن المؤمنين لملائكته ويستر قبائحهم عنهم كما تثبت الروايات، ثم نقتدي بعليٍّ عليه السلام الذي قال أنه لو رأى مؤمنًا على فاحشة لستره بثوبه.. ما أرْخاه الله من سترٍ عليك وعلى المؤمنين لا ينبغي أن تكشفه، ولا شك بأنك ستنال جزاء ذلك، فهي مخالفةٌ واضحةٌ لما أراده الله جلّ وعلا، وهذا ما تثبته الأحاديث القدسية والأحاديث الشريفة. محمود سهلان ٢١ أكتوبر ٢٠١٨م