من هنا وهناك (١٣) إشاعة الفاحشة

من هنا وهناك (١٣) إشاعة الفاحشة

إشاعة الفاحشة في المجتمعات بأي صورةٍ كانت لها آثارٌ سلبيةٌ كثيرة، فانتشار أي أمر يجعله مألوفًا بين الناس، فيغدو الكبير منه لا يزحزحهم ولا يحرك لهم ساكنا، ولا يرف لهم جفنا، لذلك كان التنبيه من الشارع المقدّس على ضرورة إخفاء بعض الأمور، منها الفواحش وهي محل كلامنا، ومنها عورات الناس، وغيرها..

إذا سمحنا للفواحش بالانتشار بيننا فنحن تلقائيًا نسمح لأنفسنا بالتخلي عن سمة الحياء، وهي صفةٌ وخلقٌ من أهم الأخلاق الإسلامية والإنسانية، وهو أدبٌ ينبغي المحافظة عليه وتقويته لا تضعيفه، كما أنها تجعل المجتمعات تتماهى مع الفظائع والمنكرات من الأفعال وتتمايع معها، فيكون ذكرها في محضر الناس كذكر أي أمرٍ آخر ليس له تلك الأهمية، وهو راجعٌ لاعتياد النفس عليه وتعرضها للفساد ومخالفة الفطرة، كما أنها تُؤلِم من حافظ على فطرته من المؤمنين وتتسبب له بالأذى..

لذلك ينبغي للمؤمنين والمؤمنات مع امتناعهم أولًا عن ارتكابها، عدم المساهمة في نشرها، وهو أمرٌ يبدو لي بديهي الأهمية، لكن ما نراه من البعض أنهم يتناقلون الصور والفيديوهات والكلمات غير المحتشمة دون أدنى اهتمام، بل لعل البعض يبرر لفعله بأنه ليس بفاعل الفحش ولا قائله، فهو مجرد ناقل!

كذلك نتوجه بالكلام لبعض من يحاول التصدي لمشاكل المجتمع، وبكلمةٍ قصيرةٍ أقول ليس كل المشاكل تحل بإشهارها والحديث عنها جهارا، خصوصًا ما لم تكن ظاهرةً اجتماعيةً واضحةً منتشرة، مع ملاحظة كل خصوصياتها وما يتعلق بها.

في إطار كلامنا نجد أن القرآن يتوعد بالعذاب الأليم لمن يحب أن تشيع الفاحشة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[النور/١٩].

محمود سهلان
٩ نوفمبر ٢٠١٨م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون