من هنا وهناك (٢١) الصدق وإطلاق الكلِم
من هنا وهناك (٢١) الصدق وإطلاق الكلِم
تبلغ الكلمة من الخطورة ما تبلغ الأفعال الأخرى، بل وتتجاوز خطورة غيرها من الأفعال كما أشرنا في مقالةٍ سابقة، لذلك وجدنا الروايات تؤكد خطر اللسان من جهة، وفضيلة الصمت وقلة الكلام من جهةٍ أخرى..
قد يسأل سائلٌ متى أتكلم؟
نقول أن الفعل سواء كان باللسان أو بأي جارحةٍ لا بد أن يكون عن حكمة، ولعل الأصل هو عدم الفعل، وفي الكلام يكون الأصل هو الصمت، لذلك ينبغي أن يكون اتخاذ الفعل مستندًا إلى الحكمة، فلا يكون لغوًا ولا عبثا، ولا يكون وبالًا على القائل أو على غيره..
الكلام سواء كان إخبارًا عن حدثٍ أو معلومةٍ أو غير ذلك، لا بد أن يتوافر على بعض الأمور قبل إطلاقه والكون في وثاقه، حيث ينبغي أن يكون صحيحًا صادقًا أو به مصلحة ما، وأن يكون التحدث به والإفصاح عنه راجحًا على السكوت، وأن يناسب مقتضى الحال، وأن يكون المتحدث صادقًا مع نفسه، ومع قيودٍ أخرى ربما بحسب ما تقتضيه الحكمة، ثم يصح إطلاقه، وإلا فحفظ اللسان أولى من تحمل تبعات الكلام.
لذلك نجد أن أصدق الكلام وهو كلام العترة الطاهرة (ع) قد أُمرنا بعدم نشره كله، بل لا بد من مراعاة الكثير من الحيثيات قبل ذلك، ومن أهمها حيثية المتلقي ومستوى إيمانه، وهنا أريد القول أن مجرد كون الكلام صادقًا وصحيحًا لا يعني بالضرورة صحة نشره وتداوله.
محمود سهلان
٢٦ نوفمبر ٢٠١٨م
تعليقات
إرسال تعليق