من هنا وهناك (٢٨) قُصورُ الدَّوالّ

من هنا وهناك (٢٨) قصورُ الدوالّ

هناك قضيةٌ كليةٌ ينبغي الالتفات إليها، وهي قصورُ الدوالِّ عن أداء المدلولات، فعالم المعنى كما هو ظاهرٌ أوسع بكثيرٍ من عالم الألفاظ وغيرها من الدوال، حتى أننا نجد أهل البيت عليهم السلام أشاروا لذلك في بعض الموارد، خصوصًا عندما يتعلق الأمر فيما هو خارج الزمان والمكان.

ممّا يوضح ذلك عجزنا أحيانًا عن التعبير عن مشاعرنا، فإننا قد نعيش حالةً عميقةً جدًّا من الفرح والسعادة يظهر بعضها عبر ملامحنا وتصرفاتنا، ونُظهر جزءً منها عبر كلماتنا، لكننا نشعر وأن ما بداخلنا أكبر بكثيرٍ ولا نستطيع التعبير عنه، كذلك في جوانب الألم والحزن، ولعل ذلك يرجع في مثل هذه المشاعر لكونه علمًا حضوريا، بينما ما نحاول إفهامه للآخرين هو عبارةٌ عن علمٍ حصوليٍّ لنا ولهم.

من الموارد التي ينبغي أن نحاول أن نُكثر من الدوالِّ فيها، موارد إبراز المحبة والمودة، خصوصًا مع الأهل والزوجة والإخوة من المؤمنين، فنُعبِّر بملامحنا ونظراتنا وأصواتنا وأفعالنا وهدايانا وكلماتنا، وقد تعجز كلُّ هذه عن أداء الرسالة.

من الموارد المهمة التي أشار لها رسول الله (ص): (قولُ الرجلِ للمرأة إني أُحبكِ لا يذهب من قلبها أبدًا)[وسائل الشيعة]، ولعلّ الأمر فيه نوعٌ من التمام لخصوصيةٍ في القابل وهو الزوجة، فنجد أن تلقيها للدالِّ وهو (قول الرجل إني أحبك) يبقى معها ولا يزول من قلبها أبدا. وهذا لا يمنع كما يبدو من استثمار الدوالّ الأخرى لتنمية العلاقة بين الزوجين، فقد تعجز كلمةُ أحبكِ أحيانًا عن إبراز عمق المحبة والمودة في قلب كل طرفٍ من الزوجين فتأمل.

محمود سهلان
١٢ ديسمبر ٢٠١٨م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون