من هنا وهناك (٢٢) خطر الاختصاص
من هنا وهناك (٢٢) خطر الاختصاص
بعض المؤمنين عندما يكون المتحدث هو الطبيب فيكون بنظره مختصًا ولا كلام بعده، وعندما يكون المتحدث مهندسًا يكون حينها مختصًا ولا كلام يعلو على كلامه، وهكذا يتعاملون مع كل ذي اختصاصٍ في اختصاصه..
عندما يُشخِّص الطبيب علّته ويصف له العلاج والدواء فإنه لا يسأل عن أي مقدمات، والطبيب لن يعيد التجارب العلمية أمامه على أي حال، وكذلك عندما يرسم المهندس خارطة منزله لا يطلب منه أن يعطيه كل المقدمات، ولا يسأله عن تفاصيل عمله، وذلك لأنه مختصٌ تعلّم وبذل جهده حتى صار بهذا المستوى..
الغريب أن هذا الشخص ذاته عندما يقول عالم الدين شيئًا في أمرٍ يتعلق باختصاصه، فلا يتعامل معه على أنه مختص، ويشكل ويعارض دون درايةٍ كافيةٍ ودون مقدمات، ويظل يسأل ويستنكر على العالِم الذي هو متخصصٌ في هذا الشأن! فأين ذهبت سمة التعامل مع المختص في التخصصات الأخرى؟!
قد يقول البعض أن الطب خطيرٌ فإنه قد يؤدي لتعطل عضوٍ أو إلى الموت، وقد يقال أن عمل المهندس خطيرٌ فلو أخطأ في عمله قد يسقط المبنى على من يسكن فيه، وعالم الدين لا يواجه نفس الخطر لذلك يسوغ التعاطي معه بمثل ما مضى بيانه..
في الواقع إن عمل الطبيب خطيرٌ فعلًا وكذلك المهندس، ولكن أقصى ما يحدث لو أخطأ على عِظّمه هو الموت، أي الانتقال من الدنيا لحياةٍ أخرى، أما الدين فيتوقف عليه أمر تلك الحياة الأبدية، فالخُلد إما في النعيم أو الجحيم، وهو أمرٌ لا يدنو منه أي شيءٍ في مدى خطورته، فلا يصح الاستهانة به..
هذه ليست كل وجوه المسألة لكنني أردت إيضاح وجهٍ معينٍ منها لا غير، فتأمل..
محمود سهلان
٢٨ نوفمبر ٢٠١٨
تعليقات
إرسال تعليق