من هنا وهناك (١١) لا تُحمِّله ما لا يحتمل

من هنا وهناك (١١) لا تُحمِّله ما لا يحتمل

يحتاج عامة الناس من كل علمٍ ما يتصل بحياتهم العملية، فعندما يريد الإنسان بناء بيتٍ له يذهب للمهندس ليُعد له الخرائط اللازمة، ولا يهتم للتفاصيل العميقة والدقيقة التي تهم المختص، وكذلك عندما يذهب للطبيب أو لغيره من المختصين.

هذا أمرٌ ينبغي أن يجعله المختص في ذهنه، لأن مثل هذه التفاصيل التي يفهمها المتخصص قد تضر بعامة الناس وبالمجتمع إذا أنزلت إليهم، فهي بطبيعة الحال تحتاج لدراسة معمقةٍ بعد مقدماتٍ عديدةٍ حتى يتمكن الإنسان من فهمها، فلا يصح طرحها لعامة الناس الذين لا يمتلكون أبسط المقدمات، في قبال أفرادٍ بذلوا أعمارهم في هذا التخصص أو ذاك.

هذه المشكلة نعانيها اليوم بوضوحٍ في العالم الإسلامي، فمع التطور التكنولوجي ومع توجّهات تبسيط المطالب في البحوث، نزلت الكثير من العلوم لعامة الناس، الذين يفتقدون لأبسط المقدمات لفهمها، لا لنقصٍ فيهم دون شك، لكن ذلك لأنهم لم يسلكوا طريق العلم الموصل إلى الفهم المطلوب، وعليه فتكون هذه الحالة سلبيةً لما لها من آثارٍ سلبيةٍ على عامة المؤمنين.

مسألةٌ مهمةٌ ينبغي أن يلتفت إليها المتصدّون للدراسات الإسلامية العليا، وأن يضعوها بعين الاعتبار، ولعل المرحلة المناسبة لمثل هذا الطرح تأتي ولكن بعد العمل على التأسيسات اللازمة لتهيئة الأجيال القادمة إلى ذلك، وإن كان الأمر لا يخلو من صعوبة.

محمود سهلان
٤ نوفمبر ٢٠١٨م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون