من هنا وهناك (١٤) المستحبات أدبٌ

من هنا وهناك (١٤) المستحبات أدبٌ

قد نلتزم بأداء الواجبات بما يُسقط الأمر المتوجه، ونترك المحرمات التزامًا بالنهي عنها من قبل الشارع المقدس، مراعاةً لما نتجنب به العقوبة، وهو أمرٌ جيدٌ على أي حال.

المستحبات والمكروهات عندنا لا تحظى -كما يبدو- بقيمتها المستحقة لها، وذلك يظهر من تغافلنا عن أداء أبسط المستحبات، وارتكابنا للمكروهات التي يمكن الاستغناء عنها بيسر، إذ مع قليلٍ من الالتفات لما لها من آثارٍ ومن ثوابٍ لجعلناها نصب أعيننا، وهو ما لا نجده في الواقع.

نعم.. للمستحبات آثارٌ وكذلك للمكروهات، فمن شأن المستحبات أن تؤثر في سير حياتنا للأفضل، بل هي طريقٌ لبلوغ أعلى مستويات الإيمان والتقوى بالدنيا، وأعلى المراتب والدرجات بالآخرة، ولفعل المكروه آثاره أيضا، فمهما صغُر الأثر الأولي يُحتمل أن تترتبَ عليه أمورٌ كثيرة، فبعض المكروهات مثلًا تؤثر على مزاج الإنسان، وبالتالي قد يترتب على تعامله مع أهله ويؤدي لنتائج سلبيةٍ جدا.

من جهةٍ أخرى، أجد أن القيام بالمستحبات وترك المكروهات بالقدر الممكن يعكس صدق المكلّف مع ربه، ويعكس تأدبه معه، وكأن المكلف يقول: يا إلهي وإن لم تلزمني بالفعل أو الترك لكنني طاعةً لك أفعلُ وأترك ما استطعت. وهذا يعني أن التزامي ليس بدافع الخوف من العقاب فقط، بل أنا أخجل من عدم اتباع ما تقول، وأنا أعلم من أنت وأعلم من أنا، وهذه مرتبةٌ عاليةٌ ينبغي للمؤمن أن يلتفت لها، ليحقق مفهوم التأدب مع الله تعالى.

محمود سهلان
١٠ نوفمبر ٢٠١٨

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون