من هنا وهناك (٢٤) اختلاف زوايا النظر

من هنا وهناك (٢٤) اختلاف زوايا النظر

عندما ننظر لجسمٍ ما له أبعاده فإننا ننظر له من زوايا مختلفة، وباختلاف الجهات قد يختلف الحكم، فلو نظر شخصانِ أو أكثر إلى مجسٍّمٍ ما، فإن كلّ فردٍ منهم سيبدي وجهة نظره وفق ثقافته الشخصية وذوقه بالإضافة لزاوية النظر، فقد يرى الأول المجسم في غاية الجمال، ويراه الآخر عاديا، ويراه ثالثٌ قبيحا، ولا إشكال في ذلك.

في الأفكار لا يختلف الأمر كثيرا، فيختلف كل فردٍ في تقييمه للأفكار بحسب زوايا النظر وبحسب الثقافة وما إلى ذلك من مؤثراتٍ تتدخل في تكوين الرأي، فقد يراها البعض فكرةً رائعة، ويراها غيره سيئة، وهذا أمرٌ طبيعيٌ جدا، فالاختلاف بين الناس طبيعيٌ ومن شأنه أن ينتج.

إذن عندما نختلف في تقييم أمرٍ ما، سواء كان ماديًا أم ذهنيًا، ينبغي أن نعتبره أمرًا عاديًا بل صحيًّا لأننا بشرٌ لنا خلفياتنا في الحكم والتقييم، فلا يصح التشنيع على الآخر ولا تسقيطه عندما يقدم رأيًا مختلفًا فيما يصح فيه الاختلاف والتنوع.

يبقى من الضروري أن نشيرَ إلى أن بعض الأمور لا يصح الاختلاف فيها بتاتا، وهي ليست بالقليلة، ومن أوضحها وحدانية الله تعالى، وهي ثابتةٌ بعدد أنفاس الخلائق وقد قام عليها البرهان، والبرهان يحقق الثابتة التي لا يمكن نقضها فتأمل.

والنتيجة إذًا أن الاختلافات بين الناس طبيعيةٌ إلا في بعض الأمور، وعلى رأسها ما ثبت بالبرهان كوجود الخالق ووحدانيته.

محمود سهلان
٣ ديسمبر ٢٠١٨م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون