من هنا وهناك (٣١) حبسُ القلم أولى بالأدب
من هنا وهناك (٣١) حبسُ القلم أولى بالأدب
إن لكلام أهل البيت صلوات الله عليهم قيمته الخاصة، فهو الذي يرسم منهج حياتنا إلى يوم القيامة، فلا يمكن أن نتحرّك بالاتجاه الصحيح ما لم نلتزم بما صدر عنهم، وأي مخالفةٍ لما يقولون من شأنها أن تُوقِعنا في الكثير من المشاكل والفتن، لذلك صبّ العلماء الأعلام جهودهم في سبيل فهم كلامهم، ومحاولة الاستفادة منه وتفعيله في حياة المؤمنين.
من أبرز العلماء الذين كان دأبهم التعامل مع الرواية، روايةً ودرايةً وفهمًا وتأملًا وتدبرًا وتأويلًا، الشيخ يوسف البحراني -صاحب الحدائق- قدّس الله نفسه، حيث غاص في أعماق محيطات تلك الروايات واستخرج منها الكثير من الكنوز، وقد أحاط بها فهمًا قلّ له النظير، ولكنه مع ذلك إذا لم يتوصل لفهم بعض الروايات فإنه يتوقف ويرد علمها إلى أهلها كما أُمرنا، ولك هذه الكلمة الخالدة عندما لم يتوصل لفهمٍ يطمئنُ إليه بخصوص بعض الروايات: "وبالجملة فالمقام محلّ إشكال، ولا يحضرني الآن الجواب عنه، وحبسُ القلم عن ذلك أولى بالأدب".
في قبال هذه القامة العالية، وهذا التأدب بين يدي أسياده، نجد أن بعضنا تخلى عن هذا المستوى الراقي جدًا من الأدب مع المعصومين، فما إن تخالف الرواية تفكيره وثقافته وهواه نجده يسارع لضرب الرواية ورميها بعرض الجدار كما يدعي، ويبدو أن مثل هذا نسي أنه يتعامل مع عِدل القرآن الكريم، وأنه مهما بذل من جهدٍ فإنه قد يخطئ وقد تكون نتائجه غير صحيحة، فكيف يسوّغُ أحدنا لنفسه أن يُكذّب روايةً أو يستخف بها مع أنه ليس من أهل الفن؟ بل وكيف لأهل الفن أن يكذبوا روايةً بناءً على مبنى اعتمدوه يعلمون أنهم قد يتحولون منه إلى غيره فتغدو الرواية غير مكذوبةٍ عندهم؟!
أرجو أن يترك المؤمنون مثل هذه الأمور لأهل الاختصاص كي لا يقعوا في أي محذور، والكلمة التي نقلناها من الكلمات المهمة في هذا المجال، فعالمٌ هذا شأنه في خصوص التعامل مع الروايات، يحبس قلمه تأدبا، فما هو حال أمثالنا ممّن لم يطّلع إلا على بضع رواياتٍ لم يفهم منها إلا القليل القليل.
القليل من التأدب مع ساداتنا لعله يكون سبيل نجاتنا..
محمود سهلان
١٦ ربيع الثاني ١٤٤٠هـ
٢٤ ديسمبر ٢٠١٨م
تعليقات
إرسال تعليق