المشاركات

عرض المشاركات من 2019

من هنا وهناك (٦٨) التوصيفُ أولى من الحكم

صورة
نواجه كل يومٍ العديد من المواقف والأحداث، فتتفاعل معها أنفسنا، فقد نتأثر بها عاطفيا، أو نتفكَّر ونتأمل فيها، وما إلى ذلك من تصرفاتٍ نفسانيةٍ متعددةٍ ومختلفة. فهمُنا لهذه الحوادث لا بد وأن يتأثر بعواطفنا وأمزجتنا وثقافاتنا وطريقة نظرنا في الأمور، لذلك فنفس الحادثة يراها كل فردٍ بشكلٍ مختلفٍ ولو على نحو الاختلاف البسيط في تفصيلٍ هنا أو آخر هناك. ومما قد نرتِّبه على هذه التفاعلات مع الحوادث التصرف بنقلها، ولكننا حينئذٍ إما أن نصف ما وجدناه ونكتفي بذلك، وإما أن نزيد على ذلك بإطلاق الأحكام، ومرةً يكون إطلاق الأحكام بعد التوصيف، وأخرى يكون مباشرةً مع إشاراتٍ بسيطةٍ لأصل الحادثة، وما أكثر ما نطلق الحكم في آذان الآخرين قبل أن نذكر تفاصيل الأحداث.. في جميع الحالات لا بد وأن تكون لنا بصمةٌ في نقل الحادثة، مهما حاولنا التجرد من ثقافتنا الشخصية، وبالتالي إن لم نكن محتاجين للحكم فلنكتفِ بنقل وتوصيف الحدث، وإذا كنا نحتاج أو نريد إبداء الرأي والحكم، فلنحاول أن ننقل الحادثة أوَّلا، ولو من جهة مراعاة عدم التأثير على المتلقي، أما إطلاق الأحكام دون تبيين الحدث الأصل فقد تكون الحاجة إل

من هنا وهناك (٦٧) اهتمام طرفٍ قد لا يحلُّ المشكلة

صورة
يحدث أن تحصلَ بعض الخلافات بين الزوجين، وهو أمرٌ طبيعيٌ في حدوده، وقد يتوصل الزوجان لحلٍّ لمشاكلهم، وتعود الأمور لمجراها الصحيح، ولو استجدت مشكلةٌ أخرى عادا وأصلحا ما بينهما. في مستوًى آخر قد تستمر بعض المشاكل لمدةٍ طويلة، قد تبلغ عدة سنين، سواء سعى الزوجان في حلها (معًا) أم لا.. في حال سعيهما لحلِّها معًا وتعاونهما على ذلك فلا إشكال، وهو ما يؤدي عادةً لحل المشاكل سريعًا، والعودة للطريق الصحيح، إنما المشكلة فيما لو كان أحد الطرفين يحاول حل المشكلة وإصلاح الحال والمحافظة على الحياة الزوجية كما ينبغي أن تكون، والآخر لا يحرك ساكنًا ولا يستشعر المسؤولية ولا يكترث للأمر، خصوصًا فيما لو كانت المشكلة أساسيةً تترتب عليها مشاكل أخرى.. في مثل هذه الحالة يواجه من يسعى لمعالجة الأمر بعض العوائق، فيما قد يتعرض للتعب والإنهاك النفسي لأنه لا يصل لنتيجةٍ من جهة، ولا يجد اهتمامًا من الطرف الآخر، ولا استشعارًا للمسؤولية، وبالتالي قد يؤدي هذا الحال إلى الطلاق أو إلى الانفصال العاطفي على أقل تقدير، وإن كانا يعيشان معًا في مسكنٍ واحد.. ما تقولون؟ محمود سهلان ٩ ربيع الثاني ١٤٤

المعصومُ الأسوةُ الحسنة

صورة
كلمة المولد النبوي المبارك تحت عنوان: المعصوم الأسوة الحسنة بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب/٢١]. الأسوة لغة: قال ابن منظور في لسان العرب: "الإسوة: القدوة. ويقال: ائتس به أي اقتد به وكن مثله". وفي معجم المعاني الجامع: "أسوة/إسوة. قدوة، مثال صالح للتشبه به". الأسوة في كلام المفسرين: قد نستفيد من بعض كلمات المفسِّرين أن للأسوة معنيين، أو فلنقل أن للمُتأسَّى به حالين: قال الزمخشري في الكشاف: "وقُرئ أسوة بالضم؟ قلت فيه وجهان: أحدهما أنه في نفسه أسوة حسنة: أي قدوة وهو المؤتسى أي المقتدى به كما تقول في البيضة عشرون منًّا حديد: أي هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد، والثاني أن فيه خصلةً من حقها أن يؤتسى بها وتتبع وهي المواساة بنفسه".[الكشاف، ج٣، ص٢٥٦]. الأول: أن يكون في بعض أفعاله وأقواله أسوةً وقدوةً لغيره، فالتأسي إنما يكون بفعله أو بقوله في حالٍ ما، لا في كل أحواله. الثان

من هنا وهناك (٦٦) الاهتمام سعادةٌ متبادلةٌ

صورة
ذات يومٍ مع انتهاء وقت الدوام، اتَّصل أحد الأبناء بوالده، كما علمنا بعد انتهاء المكالمة، وقد وجدت الأب بعدها وقد شعر بشيءٍ من الارتياح والفرح قد بان على ملامح وجهه، حتى أنه عبر عن ذلك بكلامه، وهو أن ابنه اتصل به ليطمئن عليه لأنه تأخر قليلًا عن وقت رجوعه للمنزل، لا لشيءٍ آخر.. نلاحظ أن اتصالًا لم يستغرق إلا وقتًا قصيرًا جدًّا انعكس بالكثير من الإيجابية، ولو ترجمنا هذا الاتصال لوجدناه يحمل كمًّا كبيرًا من الاهتمام والحب بداخله، فأثر أثره الواضح في نفس هذا الأب، ولا أشك أنه كان مؤثرًا في نفس الابن كذلك. هذا الاهتمام الذي يمكن التعبير عنه بأبسط الطرق، كاتصالٍ هاتفيٍّ أو رسالةٍ إلكترونيةٍ أو غير ذلك، له آثارٌ كبيرةٌ وعظيمةٌ على النفوس، ومن شأنه أن يرتقي بالعلاقات لمستوياتٍ عاليةٍ جدًّا، ومع فقدانه تتأثر العلاقات سلبيًا دون أدنى شك. تختلف مستويات الاهتمام في عمقها المعنوي، وفي قيمتها المادية، وفي الجهد المبذول، وفي غير ذلك، إلا أننا جميعًا نتمكن من التعبير عن ذلك، ولو كان بأقل المستويات المتاحة، ومن هنا أقول أنه ينبغي لنا أن لا نبخل به إذا أُتيحت لنا الفرص، فإن كل نفسٍ تح

من هنا وهناك (٦٥) لا بدَّ من العقبات

صورة
في سَير الإنسان في هذه الحياة لا بدَّ له أن يتعرض لبعض العقبات، وهذه العقبات تتنوع وتختلف بين فردٍ وآخر، وقد تشتد عند بعضٍ وتضعف عند بعضٍ آخر، وكلما ارتفعت الغايات والأهداف زادت العقبات واشتدت، واحتاجت لهِممٍ أعلى وصفاتٍ نفسيةٍ خاصة. قد تكون العقبات معنويةً وقد تكون ماديةً أو غير ذلك، وتختلف مناشئها كذلك، فقد تكون بسبب التربية بالمنزل أو لفقر ولي الأمر، وقد تكون بسبب البيئة المحيطة بالمدرسة أو غيرها، أو بسبب الضغوط الثقافية الحاكمة، وربما تكون بسبب بعض العلاقات الاجتماعية السيئة كالصُحبة الفاسدة أو المشاكل الزوجية المؤدية لعدم الاستقرار، وهكذا تتنوع العقبات وتختلف المناشئ من فردٍ لآخر.. ولكن.. هل يعني ذلك أن نقف ونجعل هذه العقبات والمشاكل حاجزًا أمامنا فلا نبحث عن الحل؟ وهل يعني ذلك أن نتخذها ذريعةً للفشل واليأس وفقدان الأمل؟ في الواقع هذه -عادةً- لا تُعدُّ حواجز تؤدي لليأس وفقدان الأمل إلا في حالاتٍ نادرة، خصوصًا في مجتمعاتٍ كمجتمعاتنا، بل قد نحولها لتحدياتٍ وفرصٍ للتقدم والارتقاء بالنفس والمجتمع وبلوغ الغايات، وكل ذلك ممكنٌ إذا علت الهمة وامتلكنا الثقة ودرسنا أوضا

دروس عاشوراء (٣) احترام المقامات العالية

صورة
لا أظننا نختلف في ضرورة احترام الكبير إذا أردنا أن يكون المجتمع في حالة استقامةٍ وسلامة، سواء كان الكبير كبيرًا في السن أو صاحبَ مقامٍ عالٍ بين الناس.. جسَّد هذه القيمة العالية العباس بن علي -عليهما السلام- طوال حياته بأبهى صورة، وذلك في تعامله مع الحسن والحسين وزينب عليهم السلام، فكان يحترمهم احترامًا منقطع النظير بين الإخوة كما ينقل التاريخ، وتجلى الأمر أكثر وأكثر بأرض الفداء بكربلاء.. يُنقل عن العباس -عليه السلام- أنه لم ينادِ الحسين -عليه السلام- بأخي، بل كان يناديه دائمًا بكلماتٍ أخرى كـ (سيدي، ومولاي)، لأنه سلام الله عليه تربى في كنف أمير المؤمنين وأمه العظيمة أم البنين -عليهما السلام- وأخذ من أخلاقهما أخلاقًا ومن أدبهما أدبا. التزم العباس -عليه السلام- بذلك طوال حياته لأنه يعرف مقام الولاية أعلى معرفة، فعرف مقام الحسن والحسين -عليهما السلام- معرفةً عالية، فما كان منه إلا إجلالهما واحترامهما احترامًا عظيمًا يليق بهما، حتى قيل أنه لم ينادِ أخاه الحسين -عليه السلام- بكلمة أخي إلا حين شارف على الاستشهاد.. هذا الاحترام وهذا التقدير من أهم الدروس التي ينبغي أن

دروس عاشوراء (٢) عزَّة النفس

صورة
من أهم الصفات الأخلاقية التي تجسَّدت في عاشوراء صفة عزة النفس، فلا تزال مواقف وسلوكيات معسكر الحسين -عليه السلام- تكشف عن هذا الخُلق.. من صمود وثبات مسلم مع وَحدته.. إلى وفاء الأصحاب بعهودهم.. إلى إصلاح القاسم لشسع نعله.. ومن إيثار العباس.. وإباء الحسين.. إلى عفَّة وصبر زينب.. ما تذكر فردًا إلا وتمثلت هذه القيمة العظيمة والخلق الرفيع أمامك، حتى أن العبيد من أمثال جون وغيره لم يقبلوا أن يفترقوا عن ساداتهم، ورفضوا أن يرحلوا عن أرض المعركة بعد أن كانوا في الرخاء يقتاتون من خيراتهم.. هذه الصفة إذا ثبتت في النفس ولَّدت الأخلاق الحسنة والآداب السامية، وظهرت السلوكيات النفسية، فالسخاء والإباء والشجاعة والعفة والترفع عن المطامع والتضحية والوفاء والفداء، كلها لا تكون إلا عن عزة نفس.. لنَرغب إلى مثل هذه العزة والكرامة، ونأخذ هذه الدروس العظيمة من عاشوراء، من كل مواقف الحسين وأهل بيته -عليهم السلام- وأصحابه وأنصاره رضوان الله تعالى عليهم.. محمود سهلان ٧ محرم ١٤٤١هـ ٧ سبتمبر ٢٠١٩م

دروس عاشوراء (١) المعرفة والتوبة

صورة
نتساءل دائمًا ما الذي جعل الحرَّ بن يزيد الرياحي ينتقل من معسكر الباطل إلى معسكر الحق، ليكون شهيدًا من شهداء كربلاء، وصاحبًا من أصحاب الحسين عليه السلام.. ما أستقربه هو أن المعرفة هي من قادت الحر للتوبة والانتقال ليكون ناصرًا للحق ضد الباطل؛ أعني المعرفة بشيءٍ من مقامات أهل البيت -عليهم السلام- ومعرفة (من أين وفي أين وإلى أين).. كان الحر عارفًا بمقام وحرمة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، وذلك يظهر عندما رفض أن يشتمها أو يذكرها بسوء، وقال أنه ليس له إليها من سبيل.. وكان عارفًا (إلى أين)، وذلك يظهر في لحظة التحول والتوبة، حيث قال: "أُخير نفسي بين الجنة والنار"، ولم يختر النار على الجنة، فمع صعوبة الموقف وشدته، اتبع الحر معرفته، واختار صُحبة الحسين -عليه السلام- والاستشهاد بين يديه، فكانت والله قصَّةً عظيمة، ودرسًا عظيمًا على مر العصور.. قد أتمكن من القول أن المعرفة هي السبيل إلى التوبة، وهذا ما تجسَّد في الحر الرياحي كما يبدو.. محمود سهلان ٤ محرم الحرام ١٤٤١هـ ٤ سبتمبر ٢٠١٩م

من هنا وهناك (٦٤) زيارةُ تواصٍ

صورة
زارني البارحة صديقٌ من الأصدقاء بل هو أخ، بطلبٍ منه بمنزل والدي، وقد طلب أن يُوصل سلامه لوالدتي ولعائلتي كلها.. عندما دخل إلى المنزل وسلّم علينا جميعًا، جلس معي ومع إخوتي يحدِّثني، فماذا كان مدار حديثه يا ترى؟.. في البداية تحدَّث عن مسألةٍ تخص القرية مُبديًا وجهة نظره بكل أريحية، وبأسلوبٍ يغلب عليه الإنصاف، طالبًا وجهة نظري في الأمر، واستمع لآراء الحاضرين كذلك، وهذا هو دأبه منذ عرفته.. رجلٌ حكيمٌ محبٌ للخير بعيدٌ عن التعصب والعصبية.. انتقل بعد ذلك للحديث فيما يخص عائلتنا، من والدتي لأصغر إخوتي، بين مدحٍ وثناء، واستفهامٍ وسؤال، وتذكيرٍ وتنبيه، وتوجيهٍ وإرشاد، هكذا هو مذ عرفته قبل سنواتٍ طِوال.. لست في وارد الدخول في تفاصيل حديثه، بقدر ما أنا بصدد المدح والإطراء ثم الشكر، فما أجمل أن تجد قلبًا يحمِلك في كل حين، ويذكرك دائما، وعندما يجد الحاجة أشدَّ وأكبر يقوم بدور التواصي مع إخوته.. ليس الأمر بجديدٍ منه، فهذا ما اعتدته منه منذ سنوات، وأحمدُ الله تعالى أن يكون لي أخٌ وصديقٌ هذا حاله، وأرجو أن تشيع مثل هذه الحالة بين المؤمنين في كل مكان.. إنه بحق مصداقٌ لقول

يضعُ يدهُ على الرؤوس..

صورة
يتداول المؤمنون كلامًا مفاده أن الإمام القائم –عجَّل الله فرجه- إذا ظهر يضعُ يده على رؤوس المؤمنين فتكتملُ عقولهم، فهل لهذا الكلام من مستندٍ يَستند إليه المؤمنون أم لا؟ في الواقع نعم هناك مستندٌ لهذا الكلام نجده في كتبنا الحديثية، فقد نقل الشيخ الكليني –قدِّس سره- في كتاب العقل والجهل في الجزء الأول من الأصول من موسوعته الحديثية العظيمة (الكافي) هذا الحديث عن الإمام الباقر -عليه السلام- قال: (إذا قامَ قائمُنَا وَضَعَ اللهُ يدَه على رؤوسِ العِباد فجمعَ بها عقولَهم وكَمَلَتْ بها أحلامُهُم). كذلك نجد نفس الحديث ينقله العلامة المجلسي –قدس سره- في بحاره عن إكمال الدين بتغييرٍ طفيف، حيث لم يذكر لفظ الجلالة هناك، وهو عن الإمام الباقر -عليه السلام- قال: (إذا قامَ قائمُنَا وَضَعَ يده على رؤوسِ العِباد فجمعَ بها عقولَهم وكَمَلَتْ بها أحلامُهُم)[المجلسي، بحار الأنوار، ج٥٢، ص٣٢٨]. التفسير الأول لهذه الرواية هو ما يتداوله بعض المؤمنين كما أشرنا، أن الإمام –عليه السلام- إذا قام يضع يده على الرؤوس فتكتمل وتجتمع، سواء كان ذلك بطريقٍ طبيعيٍّ أم بطريقٍ إعجازي، ولا ضيرَ في كونه من الاحتما

الدفاع عن الشذوذ، والتقييدُ الشيطاني بالحرية

صورة
تعمل القوى الشيطانية دون هوادةٍ في سبيل تحصيل ما تريد، وتستثمر كل ما تملك من قوة، وتعمل على مستوياتٍ مختلفةٍ بأدواتٍ متنوعة، بل إنها تدخل على طريق الخير والاستقامة وتنطلق من خلال ذلك، فالمخطط الإبليسي الشيطاني مستمرٌ منذ تكبَّر إبليس وتوَعَّد بني آدم، وذلك نعلمه من قوله تعالى في سورة الأعراف: (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)[الأعراف/١٤-١٦]، فلا حاجة للكلام في وجود مؤامرةٍ ضد البشرية –ولا أقول ضد الإسلام والمسلمين فقط- من عدم وجودها، فالأمر من الوضوح بما لا مجال فيه للشك. من الظواهر التي بدأت تنتشر بشكلٍ واضحٍ في السنوات الأخيرة ظاهرة الدفاع عن الشذوذ الجنسي، والعياذ بالله، حتى وصل الأمر بنا أن بعض المجموعات على مواقع التواصل الإلكتروني في بلدٍ ملتزمٍ كالبحرين تناقش هذا الأمر، بل ويُبدي البعض تأييده لإفساح المجال لمثل هذا بحجة الحرية وحقوق الإنسان! وليت أمثال هؤلاء يعلمون أنهم مُقادون ومقيَّدون وليسوا ممن استفاد من إطلاق الحريات كما يظنون.. فالمسألة أكبر ب

من هنا وهناك (٦٣) مجتمعنا متفهِّم

صورة
يدعونا الإخوة الكرام لإمامة صلاة الجماعة في بعض الأوقات بكل أدبٍ واحترام، ونحاول تلبية الدعوات وأداء الواجب وخدمة المؤمنين، إلا أن بعض الظروف تعرُض أحيانًا فتحول بيننا وبين تلبية الدعوة، مع ذلك حتى مع الاتفاق المسبق نجد الإخوة بكل رحابة صدرٍ يقبلون الاعتذار ويتفهَّمون ويراعون تقلبات الأحوال، ويأخذون الاعتذار بطيب نفسٍ وتصديقٍ للمؤمن. هذه الحالة هي الغالبة في التعامل مع الإخوة الأعزاء.. قد تحدث بعض الأخطاء والسلبيات من بعض الفئات في المجتمع، ولا أقصد الإخوة المنظمين لمثل هذه الشعائر والفعاليات، فنجد البعض يتسارعون لتعميم الحالة السلبية على كل الفئة التي يندرج تحتها الفرد الذي ارتكب الخطأ، فلو أخطأ أحد الرواديد مثلا، يُسارع بعض الناس لتعميم الحالة على كل الرواديد، ولو أخطأ بعض الخطباء، يسارعون لتعميم الحالة على كل الخطباء، وهكذا في كل الفئات، خصوصًا إذا كانت ترتبط بالإسلام.. في الواقع أن الحالات الإيجابية والأعمال الطيبة، هي الأولى بالنشر والتعميم إن أردنا، وإلا فالاكتفاء ببيان الأمور كما هي، ولا تعميم في هذا الاتجاه أو ذاك، وإن كان الخير أولى بالنشر، والفاحشة والسلبي

سقوطُ الشَلمغاني من القمة

صورة
للاطلاع على قَصص وتاريخ الأمم السابقة وسِيَر بعض الشخصيات الكثير من الفوائد، تتنوع من جهة كونها شخصيةً أو مجتمعيةً أو اجتماعية، فالتاريخ حقلٌ واسعٌ جدًّا مترامي الأطراف يستطيع كل من نظر في أحداثه ووثائقه أن يعثر على الكثير من الكنوز، ويتمكن من إرجاع المسائل الحاضرة إلى أصولها التاريخية، وبناء المستقبل بالنظر إليها وللزمن الحاضر، كما أنه يتمكن من نيل الكثير من الفوائد من خلال دراسة شخصيات تلك الحُقب الماضية ويتعلم الكثير من الدروس. ومن تتبع آيات القرآن الكريم يجد أنه قد استعمل أسلوب القصص والأمثلة التاريخية كثيرا، ومن الواضح أن آثار ذلك كانت كبيرةً جدا، وقد قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)[يوسف/٣]. من القصص التي فيها الكثير من الدروس والعِبر قصة ابن أبي العزاقر الشلمغاني، وهو عالمٌ شيعيٌ ادعى السفارة عن الإمام المنتظر –عجل الله فرجه- في الغيبة الصغرى، وهو من الشخصيات التي ألقت بنفسها من أعلى السُّلم إلى أسفل سافلين، وفيما يلي أذكر شيئًا من قصة هذه الشخصية وما آل إ

دعوى للمساواة في الأجور!

صورة
العدل هو إعطاء كل ذي حقٍّ حقه، ويقابله الظلم، والمساواة هي إعطاء كل فردٍ مقدارًا مساويًا للآخر، وعليه قد تكون المساواة عدلًا وقد تكون ظلمًا كما هو واضح، أما العدل فهو أمرٌ حَسنٌ لا يكون قبيحًا على الإطلاق، وأما الظلم فهو قبيحٌ ولا يكون حسنًا أبدا. في مجال الأعمال لا تُعطى الأجور على نحو المساواة بين كل العمال والموظفين لاختلاف مجالات وطبقات الوظائف ومستوى الأداء بينهم، والأمر كذلك فيما يتعلق في مجالات الاستعراض كالسيرك والأفلام والرياضة، فهي على أي حالٍ وظائف أو مِهن أو مواهبُ يحصل فيها الموظف أو المستأجر أو غيره أجرًا في قبال ما يقدمه. إذن فالمسألة ترتبط بعدة أمورٍ يترتب عليها التفاوت في المستويات والطبقات، وبالتالي التفاوت في الأجور التي يتقاضاها الأجراء، من هنا فإن العدل يقتضي أن يتقاضى كل أجيرٍ ما يناسب أداءه ومستواه. مرةً أخرى تظهر للسطح مسألة المساواة بين الرجل والمرأة، هذه المرة من خلال بعض لاعبات كرة القدم في الولايات المتحدة والنرويج وغيرهن، وكالعادة تلقى دعمَ بعضِ الأبواق التي لم تتدبر المسألة جيدًّا ما يبدو، وهي بكل وضوحٍٍ قضية تشبُّع البعض بأن هناك ظلمًا

من هنا وهناك (٦٢) مستوى التوقعات في العلاقات

صورة
يبدو أن نفس الإنسان غالبًا ما يكون لها مستوى تجعله أو تعيشه في كل علاقةٍ تقيمها مع أي فرد، مع اختلاف العلاقات في أنواعها ومجالاتها، وتؤثر وتتأثر كيفية المعاملة بملاحظة هذا المستوى الذي جعلته لهذه العلاقة أو تلك. فتعاملي مع صديقي المقرَّب من الطبيعي جدًّا يختلف عن زميلي في العمل، وتعاملي مع أخي بالقرابة أو الإيمان يختلف عن غيرهما، وما أتوقعه من الأقرب منهم يختلف في علوه وارتفاعه عن غيره كذلك، وهكذا في كل العلاقات. عندما نفهم هذا الأمر جيدًا أتصور أننا نكون قادرين حينها على فهم اختلاف تصرفات وسلوكيات الناس عند تعاملهم وتعاطيهم مع بعضهم البعض، فمن يكون قريبًا مني تكون توقعاتي منه وتعاملي معه مختلفًا عمَّن هو أبعد منه، وهكذا نجد هذا الاختلاف كلما اختلفت هذه العلاقات قُربًا وبُعدا، وبالتالي -عندما نستوعب هذا الأمر جيدا- نتمكَّن من التعامل والتعاطي بأريحيةٍ مع الكثير من المظاهر التي نراها هنا وهناك. من جهةٍ أخرى نجد أنه من الضروري أن يعرف الإنسان مستوى علاقته مع غيره، وما يتوقعه منه، والعكس بالعكس، فلا بد من معرفة قدْري إجمالًا عند الطرف الآخر كذلك. لذلك أرى أن من أرا

من هنا وهناك (٦١) سيِّئةُ التركيز على السلبيات

صورة
من هنا وهناك (٦١) سيِّئةُ التركيز على السلبيات بعيدًا عن ملاحظة الجهات الفاعلة وذلك لتنوعها، أتحدث بالنظر لطريقة الطرح في هذه المقالة، وهي التركيز على الجوانب السلبية بشكلٍ مطلقٍ من البعض، أو أقل بقليل، وكأننا نعيش في مجتمعٍ لا يملك أي إيجابيةٍ على الإطلاق!! ما أعتقده أن هذه المنهجية وهذه الطريقة سيئةٌ في التعامل مع المجتمعات، بل هي سيئةٌ في حق نفس الجهة الفاعلة التي تركز على السلبيات، فلا يُعقل أن تكون هذه الجهة كلها حسنات، وقد تُتَّهم بأنها تستر سيئاتها من خلال فضح غيرها، ولا يُعقل أن يكون المجتمع لا حسنةَ له مطلقا.. هذه الحالة لو تصدت لها العلوم الإنسانية على اختلافها لكانت نتائجها في حق الجهة الفاعلة للتقريع سيئةً في الكثير من الحالات، ودون شكٍّ فإن لها سلبياتها كذلك على المجتمعات التي يُمارَس في حقها هذا المنهج.. ما أراه صوابًا هو حالة التوازن والاعتدال في طرح القضايا الاجتماعية، فكما نطرح الحالات والقضايا السلبية، ينبغي أن نطرح ما يقابلها من الإيجابيات، لا سيّما وهي كثيرةٌ في مثل مجتمعاتنا، وليس ببعيدٍ ما عاشته البحرين من تضامنٍ منقطع النظير مع أهالي الفقيدا

من هنا وهناك (٦٠) رفقًا بهم

صورة
من هنا وهناك (٦٠) رفقًا بهم نسمع بين الفَينة والأخرى عن بعض الأحداث المؤلمة غير المألوفة في مجتمعنا المؤمن، فبينما يكون عدم البوح بتفاصيلها أفضل نجد البعض يتسابقون في كشف الستار عنها، هذا مع تستر أصحاب الشأن من المؤمنين بالعادة.. لا أعلم دوافعَ هؤلاء ممن يسعون للسبق في نشر الأخبار وكشف المستور، ولا أتهمهم بأي شيء، لكن هذه الحالة باتت متفشيةً فينا حتى أننا صرنا لا نتفكَّر فيما نفعل، فنشر الأخبار بتفاصيلها مع ما فيها من ألمٍ دون مراعاة أي شيء، ودون مداراةٍ لحال المؤمنين وأصحاب الشأن أصبح ديدن الكثيرين، غافلين -مع شديد الأسف- عما قد يسبب هذا من أذى لغيرهم.. مرةً أخرى الأجهزة الالكترونية ومواقع التواصل وتطبيقاتها تفتح المجال لمثل هذه التصرفات، فالسبق الإعلامي سواء كان من قِبل بعض الجهات أو من قِبل بعض الأشخاص بات سمةً واضحةً عبر هذه التطبيقات والبرامج، ولا فائدة تُذكر في ذلك إلا فيما ندر، وإلا فهي لا تُخلِّف إلا الضرر والألم وربما الفساد.. أكتب هذه الحروف وكلي ألم، راجيًا أن يلتفت المؤمنون لمثل هذه الأمور، كي لا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ولا ينكسرَ قلب مؤمن، ونكونَ

سَكرةُ القرار

صورة
سَكرةُ القرار كان نادي برشلونة يرغب بالتعاقد مع اللاعب الفرنسي أنطوان غريزمان في صيف العام الماضي، إلا أن اللاعب قرَّر البقاء مع ناديه حينها، وبعد اتخاذه لقرار البقاء مع ناديه أعلن اللاعب عن ذلك عن طريق مقطعٍ مرئيٍّ أسماه (القرار). في الأسابيع الأخيرة ظهر نفس اللاعب في مقطعٍ مرئيٍّ آخر يعلن فيه رحيله عن ناديه الحالي، ومرةً أخرى ارتبط اسمه بالانتقال لنادي برشلونة، إلا أن الصفقة لم تُعقد للآن، وبعض جماهير نادي برشلونة لا يريدون اللاعب بسبب المقطع المرئي الأول الذي استفزهم كثيرا، بل تقول الشائعات أن كبار لاعبي النادي لا يرغبون بوجوده معهم!! انتقل هذا اللاعب من ناديه لنادٍ آخر أم لا ليست هي قضيتنا، ولا يهمنا ذلك، لكن فلنتأمل كيف كان الأمر قبل (القرار) في المقطع الأول وبعده، فبينما كان النادي وجماهيره يطمحون لعقد صفقةٍ مع اللاعب تراهم اليوم يرفضون ذلك رفضًا شديدًا حسب ما يثار، أو لا أقل أن هناك نوعًا من الرفض والتردد في التعاقد معه، وفيما لو عُقدت الصفقة فكيف سيكون وضعه مع المجموعة؟ وكم من الوقت سيحتاج لتُزال آثار ما جرى؟ كل ذلك بسبب مقطعٍ مرئيٍّ قصيرٍ جدًّا لم يكن يحت

من هنا وهناك (٥٩) نزعنا ما في صدورهم

صورة
من هنا وهناك (٥٩) نزعنا ما في صدورهم قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)[الحجر/٤٧]. من صفات المتقين الذين لهم جناتٍ وعيون أن الله ينزعِ ما في صدورهم من غل، وهم إخوةٌ على سُررٍ متقابلين، فهي إما صفةٌ لهم أو أنها هديةٌ وثوابٌ مما يُجزون به بالجنة، أو أنها غير ذلك مما هو في أعلى مراتب الخير. على أي تقديرٍ فإن كل مؤمنٍ يريد أن يكون من المتقين، لذلك تراه يسعى لتحصيل هذا الصفات ويحاول التلبس بها، ولا خلاف في أن صفاء الصدور ورفع الأحقاد عن المؤمنين من أهم الصفات المرغوب بها التي يدعو لها الشارع المقدس، لذلك ينبغي لكل مؤمنٍ أن يسعى لرفع أي نُكتةٍ سوداء يحملها تجاه أي مؤمن، سواء كان قريبًا له أم لا. كما أننا قد نستفيد من قوله تعالى: (على سررٍ متقابلين) أن المتقين يُقبلون على بعضهم البعض فلا يُدبِر كل واحدٍ منهم عن الآخر، فينطلقون في جوٍّ من الأخوة يُقبل فيه كل واحدٍ منهم على الآخر، يقترب منه ويتفقده ويُصلح علاقته معه ويقويها، حتى فيما لو تعرَّضت العلاقة لبعض الضربات السلبية تجدهم يسعون لإصلاحها وتصحيح المسار.