من هنا وهناك (٥٩) نزعنا ما في صدورهم
من هنا وهناك (٥٩) نزعنا ما في صدورهم
قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)[الحجر/٤٧].
من صفات المتقين الذين لهم جناتٍ وعيون أن الله ينزعِ ما في صدورهم من غل، وهم إخوةٌ على سُررٍ متقابلين، فهي إما صفةٌ لهم أو أنها هديةٌ وثوابٌ مما يُجزون به بالجنة، أو أنها غير ذلك مما هو في أعلى مراتب الخير.
على أي تقديرٍ فإن كل مؤمنٍ يريد أن يكون من المتقين، لذلك تراه يسعى لتحصيل هذا الصفات ويحاول التلبس بها، ولا خلاف في أن صفاء الصدور ورفع الأحقاد عن المؤمنين من أهم الصفات المرغوب بها التي يدعو لها الشارع المقدس، لذلك ينبغي لكل مؤمنٍ أن يسعى لرفع أي نُكتةٍ سوداء يحملها تجاه أي مؤمن، سواء كان قريبًا له أم لا.
كما أننا قد نستفيد من قوله تعالى: (على سررٍ متقابلين) أن المتقين يُقبلون على بعضهم البعض فلا يُدبِر كل واحدٍ منهم عن الآخر، فينطلقون في جوٍّ من الأخوة يُقبل فيه كل واحدٍ منهم على الآخر، يقترب منه ويتفقده ويُصلح علاقته معه ويقويها، حتى فيما لو تعرَّضت العلاقة لبعض الضربات السلبية تجدهم يسعون لإصلاحها وتصحيح المسار.
تفريغ القلب من الأحقاد والشحنات السلبية وتعويضها بالتسامح والمداراة والمحبة طريقٌ نحو الراحة في الدنيا، والبناء المتماسك للمجتمع المؤمن، كما أنه طريقٌ لنيل رضا الرحمن والسكنى بالجنان.
في مثل هذا الشهر أدعو نفسي وكل المؤمنين والمؤمنات للسعي في إصلاح علاقاتهم وتحسينها وتقويتها، فها هي ليالي هذا الشهر الأخيرة العظيمة مقبلةٌ علينا، وهلال العيد يلوح بالأفق، فدعونا لا نفوت هذه الفرصة، ولنُصلح كل ما يمكن إصلاحه، ولنحسِّن ما يمكن تحسينه، ولنقوِّي ما نتمكن من تقويته بيننا وبين المؤمنين، ولا أرى أيًّا من ذلك متعذرًا ولا صعبًا إلا في حالاتٍ نادرةٍ جدا.
محمود سهلان
١٧ شهر رمضان ١٤٤٠هـ
٢٣ مايو ٢٠١٩م
أحسنتم
ردحذف