الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثالث والعشرون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الثالث والعشرون:
الباب
التاسع من أبواب الكلِّيات المتعلقة بأصول الدين وما يناسبها – أن الله سبحانه إلهٌ واحدٌ لا شريك له في الربوبية:
]29[ الرواية الأولى: محمَّد بن يعقوب، عن محمَّد بن الحسن، عن عبد
الله بن الحسن العلوي، وعن علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمَّدٍ الهمداني،
جميعا، عن الفتح بن يزيد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن أدنى
المعرفة؟ قال: الإقرار بأنه لا إله غيرُه، ولا شِبه له ولا نظير، وأنه قديمٌ مثبت،
موجودٌ غير فقيد، وأنه ليس كمِثلِه شيء.
قال: "سألته
عن أدنى المعرفة؟ فأجاب (عليه السلام): "الإقرار بأنه لا إله
غيره". أدنى المعرفة أيْ أقربُها إليك وأقلُّ ما يجب عليك إنْ كنت تريد
أنْ تكون من أهل المعرفة.
والإقرار
هو الاعتراف، ويترتَّب عليه نفي الاضطراب، فلا يكون إقرارًا إلا عندما ينفي
الاضطراب، وهو ما يؤدي لنفي الشكوك بالتسليم بالأمر.
والإله
هو الذي يُقصد لكلِّ نقصٍ ليرفعه، وهو المُفيض بالغِنى مطلقًا، والإقرار بأنه لا
يُقصد غيره ولا يُتألَّه إلا إليه لكونه غنيًّا مطلقًا ومُفيضًا للغنى ورافعًا
للنقائص.
قال
(عليه السلام): "لا شِبه له ولا نظير"، وهذه من أصعب المسائل.
لماذا؟
لأنَّ
تفكير الإنسان قائمٌ على الصور الذهنيَّة والقياس والمقارنة، فعندما تقول لا شِبه
له ولا نظير فعلى ماذا أقيس؟ فكلُّ ما شهدناه في حياتنا وما عشناه من تجاربٍ هي
منطلقاتنا في التفكير.
الكلام
في المسألة راجعٌ لقاعدةٍ عميقة، وهي: (الأشياء تُعرف بأضدادها)، وعمقها لرجوعها
للقضيَّة الأوليَّة (اجتماع النقيضين وارتفاعهما مُحال)، فإذا عرفت أنَّ لكلِّ
شيءٍ شبيهًا عرفت أنَّ هناك من لا شبيه له، فالمسألة موجودةٌ في أعماقنا.
قال
تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ) [فصلت/٥٣]،
أيْ أننا نجد توحيد الله خالصًا في أصل وجودنا وهو المحدوديَّة، فطالما أقررنا
بالمحدوديَّة فنحن نُقرُّ باللا محدود، بالرجوع لقاعدة الأضداد.
قال
(عليه السلام): "وأنه قديمٌ مُثبت"، يعني
أنَّ القول بأنه قديمٌ إنما هو عن دليلٍ وبرهان، وذلك ما نفهمه من قوله (مثبت).
ملاحظتان:
الأولى: النزول
عن أدنى المعرفة يُسهِّل وُرُود الشبهات.
الثانية: هذه
الرواية أساسٌ في البحوث العقائدية.
]30[ الرواية
الثانية: محمَّد بن علي بن الحسين في كتاب التوحيد، عن محمَّد بن الحسن بن الوليد،
عن الصفار، عن أحمد بن محمَّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال:
قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): ما الدليل على أنَّ الله واحد؟ قال: اتِّصال
التدبير وتمام الصُّنع، كما قال الله عزَّ وجل: (لَو كانَ فِيهما آلِهةٌ إلا الله
لفَسَدَتَا) ]الأنبياء/ 22[.
قوله
(عليه السلام): "اتصال التدبير وتمام الصنع" تفصيلٌ في عبارةٍ
مختصرةٍ، ويسمى اختزالًا، والتدبير متصلٌ فكلُّ ما نفعله له أثره حتى لو لم
نَلحظه، فأكثر الآثار على نحو الغالبية العظمى لا نعرفها.
قوله (عليه السلام): "كما قال الله عز وجل: (لو كانَ فيهِمَا آلهةٌ إلا الله لفَسَدَتا)". هذه تسمى فذلكةٌ، وهي الإجمال بعد التفصيل.
تعليقات
إرسال تعليق