الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثاني والعشرون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الثاني والعشرون:
لا
يزال الكلام في الرواية السابقة:
في
إثبات العلَّة المتوسِّطة في الخلق: بمجرد أنْ يسأل السائل عن شيءٍ يدل ذلك على
عدم إحاطته، فإذا سأل عن علَّة الخَلق فهذا إقرارٌ منه بعدم الإحاطة، فيكون
مُحاطًا، وهذا الإقرار يؤسَّس عليه البحث، ويلزم منه أساسٌ آخر، وهو أنَّ السائل
يصل إلى حدٍّ من العلم لا يتمكَّن من تجاوزه لأنه مُحاط.
وفي
مسألة خلق الله لسائر المخلوقات، إمَّا أنْ نقول أنْ هذا الخلق هو الله أو غيره،
والاتفاق على أنَّه غيره إلا من بعض المتصوِّفة، وإذا كان غيره -كما هو مقرَّر-
فما هي النقطة العلميَّة التي تكون الفاصلة بين الخالق والمخلوق، فإمَّا هي نفس
الخلق فيكون في الخلق مسٌّ إلهي، فيأتي إشكال المجانسة بين الخالق والمخلوق، وهو
ممنوعٌ نصًّا وكلامًا وفلسفةً.
الفرض
العقلي: لا بدَّ من وجودٍ متوسِّطٍ نعلم منه جهةً ونجهل الجهة الأخرى، ويرجع هذا
لأننا محاطون بهذا الوجود المتوسِّط، وبالتالي نُمسك القلم عند الجهة السفلى
-المعلومة- من الوجود المتوسِّط، ومن هنا خلق الله الخلق.
الجانب
الروائي: في روايات أهل البيت (عليهم السلام) الكثير ممَّا يؤدي هذا المعنى،
فالخلق منهم، والبداية منهم، والله تعالى احتجب عن الخلق بهم، وغير ذلك من الكلمات
التي وردت في الروايات في هذا المعنى.
في
تتمة الرواية: من قوله: "فأمَّا من زعم…": هذا هو فرض الجبر،
ويُفهم ذلك من مثل قوله: "أنَّ النورَ لا يعمل الشرَّ والظلمة لا تعمل
الخير، فلا يجب عليهم أنْ يلوموا أحدًا على معصيته"، ومن قوله: "ولا
لأحدٍ من أهل هذه المقالة أنْ يقول أحسنتُ وأسأتُ، لأنَّ الإساءة من فِعل الظُلمة
وذلك فعلها والإحسان من فِعل النور".
قال: "وينبغي
على قياس قولهم…": هنا انتقل (عليه السلام) لبيان ما يلزم من قولهم
الماضي "أنَّ الأبدان ظُلمةٌ وأنَّ الأرواح نورٌ". ومنها أنَّه
لا فعل للنور لأنَّه أسير الظُلمة، وإنْ كان كذلك فتكون الظُلمة تفعل الإحسان
والخير، فإنْ قالوا هذا محالٌ بطلت دعواهم.
فائدةٌ: في
المجادلات نبحث عن ملازمات الكلام، لكنها ينبغي أنْ تكون حقيقيةً بحيث تصلح
للمجادلة.
قال: "وأمَّا
مَنْ قال النور والظُلمة بينهما حَكمٌ…" فالحَكم واسطةٌ بينهما ولا بدَّ
أنْ يكون أكبر الثلاثة لأنَّ الاثنين الآخرين يحتاجانه وهو لا يحتاجهما.
قال: "فما
قِصة ماني؟". فأجاب (عليه السلام) بأنه مُتفحِّصٌ أي التقاطيٌّ أخذ شيئًا
من هنا [بعض المجوسية] وشيئًا من هناك [فشابها ببعض النصرانية] فكان أمره كما مرَّ
بيانه من الزعم "أنَّ العالم دُبِّر من إلهين نورٍ وظُلمة".
تعليقات
إرسال تعليق