سَكرةُ القرار
سَكرةُ القرار
كان نادي برشلونة يرغب بالتعاقد مع اللاعب الفرنسي أنطوان غريزمان في صيف العام الماضي، إلا أن اللاعب قرَّر البقاء مع ناديه حينها، وبعد اتخاذه لقرار البقاء مع ناديه أعلن اللاعب عن ذلك عن طريق مقطعٍ مرئيٍّ أسماه (القرار).
في الأسابيع الأخيرة ظهر نفس اللاعب في مقطعٍ مرئيٍّ آخر يعلن فيه رحيله عن ناديه الحالي، ومرةً أخرى ارتبط اسمه بالانتقال لنادي برشلونة، إلا أن الصفقة لم تُعقد للآن، وبعض جماهير نادي برشلونة لا يريدون اللاعب بسبب المقطع المرئي الأول الذي استفزهم كثيرا، بل تقول الشائعات أن كبار لاعبي النادي لا يرغبون بوجوده معهم!!
انتقل هذا اللاعب من ناديه لنادٍ آخر أم لا ليست هي قضيتنا، ولا يهمنا ذلك، لكن فلنتأمل كيف كان الأمر قبل (القرار) في المقطع الأول وبعده، فبينما كان النادي وجماهيره يطمحون لعقد صفقةٍ مع اللاعب تراهم اليوم يرفضون ذلك رفضًا شديدًا حسب ما يثار، أو لا أقل أن هناك نوعًا من الرفض والتردد في التعاقد معه، وفيما لو عُقدت الصفقة فكيف سيكون وضعه مع المجموعة؟ وكم من الوقت سيحتاج لتُزال آثار ما جرى؟
كل ذلك بسبب مقطعٍ مرئيٍّ قصيرٍ جدًّا لم يكن يحتاجه اللاعب!!
لحظاتٌ من النشوة والعاطفة، وقلة وعيٍّ ممن أشار عليه وأرشده جعله في دوامةٍ لا يعلم نهايته، إنها (سَكرةُ القرار)..
هناك بعض الأوقات في حياة الإنسان تكون نفسه متأثرةً عاطفيًا ونفسيًا بأمرٍ ما، أحيانًا بحالة سعادةٍ أو فرحٍ مفرط، وأحيانًا أخرى بحالة حزنٍ شديدٍ وغضب، وما إلى ذلك من حالاتٍ فوق المعتاد تمر على الإنسان. في مثل هذه الأحوال لا بدَّ أن يمتطي الإنسان فرس الحكمة، وإلا هوى به الجموح أو الخمول إلى السقوط أو التأخر، والأفضل أن يؤخر قراره حتى يرجع لحالته الطبيعية، وهذا ممكنٌ غالبا، وقليلةٌ هي الحالات التي نضطر فيها لاتخاذ قرارٍ كبيرٍ بشكلٍ سريع.
لو كان اللاعب في قمة حضوره الذهني لا سيما وأنه محترفٌ وليس بهاو، ولو كان له من أرشده للصواب لما وقع في مثل هذا الخطأ الساذج الذي جعله اليوم في دوامةٍ لم تتضح له نتيجتها للآن.
بالإضافة لالتزام الحكمة التي دعوتُ إليها أؤكد هنا على ضرورة استشارة الشخص المناسب الموثوق فيه، ففي لحظة ضعفٍ إنسانيٍّ عابرةٍ قد نهدم كل حياتنا، بينما كنا نستطيع أن نسند ظهرنا لأشخاصٍ صادقين لن يخذلونا حينها.
فلننتبه جيدًا كي لا نصاب بسكرة قرارٍ تجعلنا نمر في أوضاعٍ مضطربةٍ ولو لبضعة أسابيع..
محمود سهلان
٢٤ شهر رمضان ١٤٤٠هـ
٣٠ مايو ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق