من هنا وهناك (٦٨) التوصيفُ أولى من الحكم
نواجه كل يومٍ العديد من المواقف والأحداث، فتتفاعل معها أنفسنا، فقد نتأثر بها عاطفيا، أو نتفكَّر ونتأمل فيها، وما إلى ذلك من تصرفاتٍ نفسانيةٍ متعددةٍ ومختلفة.
فهمُنا لهذه الحوادث لا بد وأن يتأثر بعواطفنا وأمزجتنا وثقافاتنا وطريقة نظرنا في الأمور، لذلك فنفس الحادثة يراها كل فردٍ بشكلٍ مختلفٍ ولو على نحو الاختلاف البسيط في تفصيلٍ هنا أو آخر هناك.
ومما قد نرتِّبه على هذه التفاعلات مع الحوادث التصرف بنقلها، ولكننا حينئذٍ إما أن نصف ما وجدناه ونكتفي بذلك، وإما أن نزيد على ذلك بإطلاق الأحكام، ومرةً يكون إطلاق الأحكام بعد التوصيف، وأخرى يكون مباشرةً مع إشاراتٍ بسيطةٍ لأصل الحادثة، وما أكثر ما نطلق الحكم في آذان الآخرين قبل أن نذكر تفاصيل الأحداث..
في جميع الحالات لا بد وأن تكون لنا بصمةٌ في نقل الحادثة، مهما حاولنا التجرد من ثقافتنا الشخصية، وبالتالي إن لم نكن محتاجين للحكم فلنكتفِ بنقل وتوصيف الحدث، وإذا كنا نحتاج أو نريد إبداء الرأي والحكم، فلنحاول أن ننقل الحادثة أوَّلا، ولو من جهة مراعاة عدم التأثير على المتلقي، أما إطلاق الأحكام دون تبيين الحدث الأصل فقد تكون الحاجة إليه وموارده نادرة..
لماذا هذا الكلام؟
لما مرَّ من أن التجرد التام عن المؤثرات النفسية بأنواعها غير متيسر، ولأجل تحري الموضوعية ما أمكن، ولتعذر الإحاطة التامة بكل الحيثيات عادةً.. وإلا فإذا لم يكن أمر نقل الحادثة له فائدةٌ تُذكر حينها فتركه أفضل..
محمود سهلان
١٠ ربيع الثاني ١٤٤١هـ
٧ ديسمبر ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق