دعوى للمساواة في الأجور!
العدل هو إعطاء كل ذي حقٍّ حقه، ويقابله الظلم، والمساواة هي إعطاء كل فردٍ مقدارًا مساويًا للآخر، وعليه قد تكون المساواة عدلًا وقد تكون ظلمًا كما هو واضح، أما العدل فهو أمرٌ حَسنٌ لا يكون قبيحًا على الإطلاق، وأما الظلم فهو قبيحٌ ولا يكون حسنًا أبدا.
في مجال الأعمال لا تُعطى الأجور على نحو المساواة بين كل العمال والموظفين لاختلاف مجالات وطبقات الوظائف ومستوى الأداء بينهم، والأمر كذلك فيما يتعلق في مجالات الاستعراض كالسيرك والأفلام والرياضة، فهي على أي حالٍ وظائف أو مِهن أو مواهبُ يحصل فيها الموظف أو المستأجر أو غيره أجرًا في قبال ما يقدمه.
إذن فالمسألة ترتبط بعدة أمورٍ يترتب عليها التفاوت في المستويات والطبقات، وبالتالي التفاوت في الأجور التي يتقاضاها الأجراء، من هنا فإن العدل يقتضي أن يتقاضى كل أجيرٍ ما يناسب أداءه ومستواه.
مرةً أخرى تظهر للسطح مسألة المساواة بين الرجل والمرأة، هذه المرة من خلال بعض لاعبات كرة القدم في الولايات المتحدة والنرويج وغيرهن، وكالعادة تلقى دعمَ بعضِ الأبواق التي لم تتدبر المسألة جيدًّا ما يبدو، وهي بكل وضوحٍٍ قضية تشبُّع البعض بأن هناك ظلمًا للمرأة في بعض المجالات، أما الواقع فهو ليس كذلك في أغلبها.
في مجال السينما وغيرها يتقاضى بعض الممثلين العالميين أجورًا عاليةً جدا، ولما كانت المستويات متقاربة في هذا المجال نجد أن الأجور متقاربةٌ بين الجنسين، فالمسألة من هذه الجهة -بعيدًا عن تفاصيلها- عادلة، والقياس إنما على ما ذكرناه من جهة أن العدل حسنٌ دائما، أما المساواة دون مسوِّغٍ يؤدي للظلم، والظلم قبيح، وكما أن المساواة تؤدي لظلم الرجل أحيانا، هي كذلك تؤدي لظلم المرأة، وعليه فإن المرأة تظلم نفسها عند مطالبتها بالمساواة في الكثير من الميادين.
بالنتيجة نقول للَّاعبات -وإن كانت الرسالة لا تصل لهن- وللمدافعين عنهن، عليكم بالتدبر قليلًا في هذه القضية، والمطالبة بالعدل، لا بالمساواة، لأن ما تذهبون إليه احتمالاتُ الظلم من خلاله كبيرةٌ جدا، ليس على صنفٍ معينٍ بل على كل إنسانٍ في هذه الدنيا، رجلًا كان أو امرأة.
كل هذا ولم نتكلم من وجهة نظرٍ شرعية، وإلا لتغير مسار الكلام لحد بعيد كما لا يخفى، وهو ليس محل كلامنا.
أما للاعبات صويحبات الدعوى -خصوصًا فلستنَّ بمستوى ميسي ولا رونالدو حتى تتقاضينَ المبالغ التي يتقاضيانها مثلا، وهذا أيضًا بغض النظر عن تأثير الإعلانات وحقوق النقل التلفزيوني وغيرها من أمور.
في الحقيقة انتهى قريبًا كأس العالم للنساء والبشرية لم تكن تعلم، وقبل عامٍ فقط تابع كأس العالم للرجال ما وصل عدًّا لمئات الملايين، فأين وجه المقارنة؟!
محمود سهلان
٨ ذو القعدة ١٤٤٠هـ
١٢ يوليو ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق