الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الخامس والأربعون


 

تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال الخامس والأربعون:

 

عِدد الشيخ الكليني (رحمه الله):

نرى أن الشيخ الكليني (رحمه الله) عندما يقول: "عدةٌ من أصحابنا"، فإنه يريد الإشارة إلى أن له عدة طرقٍ إلى هذه الرواية على نحو التعيين، ونستبعد أن هذا الفعل منه كان مراعاةً للاختصار، مع احتمال كون الاختصار فائدةً ثانويةً عَرَضِّية.

إن تكثَّر الطرق يفيدنا في الوثوق بالحديث؛ لأننا نقول -مثلًا- فلانٌ الكذاب روى عن رجل، وفي نفس الوقت روى ثلاثةُ ثقاتٍ عن نفس الرجل الذي روى عنه الكذاب، فلا يكون أثرًا حينها للكذاب، لأن كذبه لن يكون معتبرًا في المقام. وفي صورةٍ أخرى يروي أربعة كذابين عن رجلٍ واحدٍ نفس الرواية بالنص نفسه، أو أنهم يروون عن رجلٍ واحد رواياتٍ متعددة، وبالتالي إن أثبتنا تواطؤهم على الكذب فهو، وإلا فالرواية تكون قوية، بل نقدمها حتى على الصحيحة الواحدة عند التعارض، لأن نقلهم نفس النص يفيدنا أنهم لم يكذبوا في خصوص هذا النقل. في الواقع هذه الحالة التي ذكرناها هي الاستفاضة، ويمكن نفي الإمكان العقلي وتصحيح ما قلناه بحساب الاحتمالات وإن كنا لا نحتاجه هنا.

 

المُرتَكَز في اتصال السند:

إن طلب اتصال السند في الحقيقة راجعٌ إلى رؤيةٍ فلسفيةٍ وإن لم يُصرَّح بها، والوجه في هذا أن المطلوب من اتصال السند هو المحافظة على وجود النص المنقول، فقول الإمام (عليه السلام) تحمَّله أحد الرواة، فكان القول مظروفًا وصَدرُ الراوي ظرفا، بلا واسطةٍ بين الإمام والراوي، وذلك لنحرز أن المظروف قد حمله ظرف، ولو انعدم الظرف لكان المظروف وهو القول عدمًا لأنه بحاجةٍ إلى ظرفٍ يحمله كأي ممكنٍ آخر، بالتالي -على هذا المسلك- نقول لو روى ضعيفٌ عن ثقةٍ بضعف الرواية، وذلك لأن هناك راوٍ يُحتمل أن يكون ثقةً أو غير ثقة، فيكون حكمه حكم العدم لعدم إحراز النقل الصحيح، ومن هنا ألحقوا قسم المُرسَل بالضعيف.

إذن بحسب هذه الرؤية فإننا نحرز وجود هذه الرواية من خلال اتصال السند وانتقالها عبر الثقات.

 

إن نقل الرواية نفسها عن عدة طرقٍ نريد منه جبر الضعف الذي قد يعرض على سند الرواية، فالأسناد يعرض عليها الضعف حتى لو كانت متصلةً بثقات، وتعدد الطرق مما نحصل الوثوق بالصدور من خلاله، وهذه قرينةٌ من القرائن التي اعتمدها المتقدمون وما زالت موجودةً لم تُفقد. ونحن نقول أن القرائن التي قيل أنها فُقِدت موجودةٌ في نفس كتب الأصحاب الروائية.

 

ملاحظة:

الكتب التي لم تُحفظ في كتبٍ أخرى، إما أنها لم تكن مهمةً فلم تلق الاهتمام ففقدت، وإما أن الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه) يتدخل ليُخفيها لمصلحة الأمة، وذلك لأنه يتكفل بإزالة الزوائد وتتميم الناقص.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون