كراهة نيَّة الشر
تقدم الكلام في مقالةٍ أخرى عن استحباب نية
الخير، ونتحدث في هذه المقالة عن كراهة نية الشر، فإن كانت لنية الخير الأثر
العظيم في تحصيل الثواب وزيادة الرزق، فنيَّة الشر تفعل فعلها أيضًا على الجانب
السلبي، فيُحرم الرجل رزقه على سبيل المثال.
إن الإنسان ليتحرك بموجب الدوافع الداخلية في
نفسه إجمالا، ومنها النية، لذلك إذا نوى خيرًا فإنه يرتدي لباس الخير ويظهر ذلك
عليه في مستقبله، وإن ارتدى نية الشر، والعياذ بالله، فإنه يرتدي لباسها وتظهر أيضًا
في قادم الأيام، كما أن لأعمالنا روائح وإن كانت حواسنا لا تتمكن منها، لكن هناك
خلائق تتمكن من شمِّ هذه الروائح، ومن هؤلاء الملكين المكلفين بتسجيل الحسنات
والسيئات.
هذه المعاني التي ذكرناها نجدها في بعض
الروايات، ونذكر هنا بعض ما ذكره الشيخ الحر العاملي (قدِّس سرُّه) في باب كراهة
نية الشر من كتاب الطهارة في كتابه وسائل الشيعة:
١/ عن أبي عبد الله (عليه السلام) -في حديث- أنَّ
رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) كان يقول: مَن أسرَّ سريرةً ردَّاه الله رداءها،
إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
٢/ قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من
عبدٍ يُسرُّ خيرًا إلا لم تذهبِ الأيام حتى يُظهِر الله له خيرا، وما من عبدٍ يُسرُّ
شرًّا إلا لم تذهبِ الأيام حتى يُظهِر الله له شرا.
٣/ وعن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن أبيه
(عليه السلام)، قال: سألته عن المَلَكين، هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن
يفعله، أو الحسنة؟ فقال: ريح الكَنيف والطيب سواء؟ قلت: لا، قال: إن العبد إذا همَّ
بالحسنة خرج نَفَسه طيِّب الريح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم فإنه قد همَّ
بالحسنة، فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له، وإذا همَّ بالسيئة
خرج نَفَسه مُنتِن الريح، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قف، فإنه قد همَّ
بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها عليه.
٤/ وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن
المؤمن لينوي الذنب فيُحرم رزقه.
هذه الروايات وغيرها استفاد منها الشيخ الحر العاملي (قدِّس سرُّه) كراهة نية الشر، وكذا غيره من العلماء، وقد يستهين بعضنا بآثار مثل هذه الأعمال، لكنها قد تقوده إلى الضلال أو إلى التعب والنصب في دنياه.
محمود أحمد سهلان
١ يوليو ٢٠٢١م
تعليقات
إرسال تعليق