الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثامن والستون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الثامن والستون:
مقدمةٌ للروايات
الباقية من الباب:
تحقُّق معرفة
الشيء تُغني عن الحاجة إلى طريقٍ آخر نسلكه لمعرفته، فإذا وُجِد هذا الشيء في ذهني
أو نفسي فلا حاجة حينئذٍ للباصرة أو غيرها من الحواس، فهي مجرد طُرقٍ لمعرفة
الأشياء، ثم تبقى الصور التي تحصل عن طريقها في الذهن، فلا تحتاج بعدها للباصرة أو
غيرها من الحواسِّ إلا إذا أردت أن تعرف حيثياتٍ أخرى في الشيء.
]١٢١[
الرواية الرابعة: وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن معبد، عن عبد الله
بن سنان، عن أبيه، عن أبي جعفرٍ (عليه السلام) في حديث، أنَّ رجلًا سأله: أيُّ شيءٍ
تعبد؟ قال: الله، قال: أرأيته؟ قال: لمْ تَرَهُ العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته
القلوب بحقيقة الإيمان، لا يُعرَف بالقياس ولا يُدرَك بالحواسِّ ولا يُشبَّه
بالناس.
ما دام قد رأته
القلوب فما حاجتي للبصر، وكل ما تراه عيناك فهو خلافه ولا قياس عليه؟
قال (عليه
السلام): "رأته القلوب بحقيقة الإيمان"، فما هي حقيقة الإيمان؟
حقيقة الإيمان هو
الاعتقاد الصحيح، ومن موارد معرفة الإيمان وحقيقته في النفس، هو عندما تجد نفسك من
غير رقيب، يأتي الشيطان، فإذا كنت تستحضر الله وتحذر وتراقب نفسك حينها، أو إذا
كنت ستقول كلمةً فتردَّدت فيها خوفًا من الله تعالى، هذه الرقابة تبين وجود حقيقة
الإيمان في النفس، والسعي ينبغي أن يكون في تقوية هذا الجانب، وفي حال خالف أحدٌّ هذا
الحال فيوجد خللٌ عنده في إيمانه.
معرفة الله تعالى
على مستويات، فكلما اشتد الإيمان واشتدت المعرفة اشتدت الرقابة.
أما الأدلة
العقلية والبرهانية فهي ليست الإيمان ولا علَّةً تامَّةً للإيمان، بل هي من
مقتضياته.
أما الحواسُّ ليس
لها دخلٌ في معرفة الله تعالى كما قال (عليه السلام) في ذيل الرواية.
]١٢٢[
الرواية الخامسة: وعن عِدَّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمَّد بن خالد، عن أحمد بن
محمَّد بن أبي نَصْر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
جاء حِبرٌ إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربَّك
حين عبدته؟ قال: فقال: وَيْلَك لمْ أكنْ لأعبد ربًّا لمْ أَرَه، قال: وكيف رأيته؟
قال: وَيْلَك لا تُدرِكه العيون في مشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق
الإيمان.
في ردِّ أمير
المؤمنين (عليه السلام) دلالةٌ واضحةٌ على عدم ضرورة الرؤية البصرية للمعرفة.
فائدة:
إذا كانت تجمعني علاقة قويةٌ مع أحد المؤمنين، وكنت أعلم بحقيقة مكانتي في قلبه، فلست أجد ضررًا على تلك المكانة أو أتوجَّس خوفًا فيما لو انقطع تواصله معي بعض الوقت، وفي نفس هذا المعنى وردت روايةٌ عن أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك لأن المحبة موجودةٌ في القلب، نعم نفرح عند اللقاء لكن الغياب لا يؤدي لحالةٍ سلبيةٍ وتراجعٍ مع وجود هذه الحقيقة في القلب.
تعليقات
إرسال تعليق