الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الحادي والسبعون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الحادي والسبعون:
أبواب الكلِّيات
المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب ٢١ - أنَّ الله سبحانه لا يُوصَف بكيفيةٍ
ولا أينيةٍ ولا حيثية:
]١٢٨[ الرواية الأولى: محمَّد بن
يعقوب، عن علي بن محمد، عن سهل بن زيادٍ أو عن غيره، عن محمَّد بن سليمان، عن علي
بن إبراهيم، عن عبد الله بن سِنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: إنَّ
الله عظيمٌ رفيعٌ، لا يَقدِر العِباد على صِفته ولا يبلغون كُنْهَ عظمته، ولا تُدرِكه
الأبصار وهو يُدرِك الأبصار وهو اللطيف الخبير، ولا يُوصَف بكيف ولا أين ولا حيث،
وكيف أَصِفه بالكيف؟ وهو الذي كَيَّف الكيف حتى صار كيفا، فعرفتُ الكيف بما كَيَّف
لنا من الكيف، أم كيف أَصِفه بالأين؟ وهو الذي أَيَّن الأين حتى صار أينا، فعرفتُ
الأين بما أَيَّن لنا من الأين، أم كيف أَصِفه بحيث؟ وهو الذي حَيَّث الحيث حتى
صار حيثا، فعرفتُ الحيث بما حَيَّث لنا من الحيث، فالله تعالى داخلٌ في كل مكان،
وخارجٌ من كل شيء، لا تُدرِكه الأبصار وهو يُدرِك الأبصار، لا إله إلا هو العلي
العظيم، وهو اللطيف الخبير.
الكيف والأين
والحيث من العوارض، ولا نحتاج إليها إذا كان المقام لا يحتاج إلى تمايز، وهذه
الأمور تمام حقيقتها ليس ما نراه في هذه النشأة، بل هو جانبٌ من جوانبها ظَهَرَ في
هذه النشأة.
تتوقَّف المطالب
العلمية في فهمها الصحيح على فهم أصل المسألة، فقد تُضبَط قوانين المسألة لكن لا
عن تصوُّر، وحينها لا يتمكَّن الضابط من المناقشة أو المحاورة إلا في حدود ما قِيل،
وبمجرد أنْ تخرجَ به عمَّا قِيل يتوجَّم ولا يتمكَّن من الكلام، لأنَّه تصوَّر ما
قِيل في المسألة لا نفس المسألة، بل فهمه للمسألة إنَّما هو من خلال ما قِيل، ومن
أهمِّ الأمور النظر في أصل التفكير في هذه المسألة.
عند الكلام عن
العوارض والجوهر، ونعرِّفهما، فنقول: العَرَض هو الذي لا يوجد إلا في موضوع،
والجوهر هو ما لا يحتاج إلى ذلك، ونبدأ الكلام من هنا، نقع في الخلل الذي نُحذِّر
منه، فمن أين جاءت هذه النتيجة؟ هل العَرَض لا يوجد إلا في موضوع مُطلقًا؟ أم في
نشأةٍ خاصة؟ ومن أين جاء هذا التحليل؟ هكذا ينبغي أنْ نُفكِّر في جلِّ المسائل،
ولكنْ بصورةٍ أدنى في الفقه، لأنَّ الفقه أحكامٌ نتعبَّد بها.
العَرَض مسألةٌ
تحليلية، حيث جئنا وتصوَّرنا الجسم، وهو الذي يشغل حيِّزًا من الفراغ، فيدخل في
حقيقته الطول والعرض والكثافة، ولكنْ ما علاقته بالطاولة مثلا، فهناك جسمٌ وهناك
طاولة، فلهما وجودٌ علميٌّ في الذهن.
في الواقع،
المعاني قبل أنْ تكون في الذهن، هي حقائق موجودةٌ في ظرفها غير الجسمي، ولو
أوجدتها في نفسي دون عوارضها لأثَّرتْ أثرها، ولكنَّ هذا غير ممكنٍ في هذا العالم،
ولمَّا نقلنا تلك الحقيقة من ذاك العالم إلى عالمنا الذي صِفَته الجسمية، بمعنى أنَّ
ما فيه خارج ذهن الإنسان لا يقع إلا بما يشغل حيِّزًا من الفراغ، فتلك الحقيقة
التي في ذاك العالم عندما نأتي بها إلى هذا العالم يكون له ملمسٌ وطعمٌ وغير ذلك،
بما يتناسب وهذا العالم، فهذه كلها عوارض عَرَضَتْ على الحقيقة لحاجة هذا العالم
إلى ذلك، وهذا كله راجعٌ لشأن هذا العالم، ولو رجعنا لذلك العالم يبقى الشيء كما
هو لكنْ تختلف هذه المُشخِّصات في تلك النشأة عن نشأتنا الدنيا، ولا تكون هي نفسها
بالضرورة في النشآت الأخرى.
فإذا سُئِلنا عن
وجود الله تعالى، وأين هو، وكيف هو، فنُجيب أنَّ هذه الأمور خاصةٌ بالنشآت وما
تسألون عنه خالقها، فهذه من خصائص نشآت الوجود، فلا يُسأل بهذه الأسئلة عن الله
تعالى.
ما هو الانتزاع؟ الانتزاع
إنما هو محاولة مطابقة الحقائق الموجودة في الذهن مع الأشياء الخارجية، ولو لم تكن
لك هذه المواد المركوزة في الذهن لما تمكَّنت من انتزاع شيء.
تعليقات
إرسال تعليق