من هنا وهناك (٤٨) الاهتمامُ بالنفس اهتمامٌ بالآخر

من هنا وهناك (٤٨) الاهتمامُ بالنفس اهتمامٌ بالآخر


من الأمور التي تقوِّم علاقات الأفراد وتقوِّيها مسألة الاهتمام، الذي يكون أثره أكبر عندما يكون متبادلًا بين الأطراف، إلا أننا نغفل عن جزءٍ مهمٍ منه، وهو الاهتمام بالآخر من خلال الاهتمام بالنفس، خصوصًا بين الزوجين.

الاهتمام المباشر لا يحتاج لمزيد تنبيهٍ وتفصيل، فلو مرضتِ الزوجة مثلًا لزمَ على الزوج أن يرعاها وأن يأخذها للطبيب، ولو مرض الزوج لزم عليها أن تهتَّم به وتوفِّر له سُبل الراحة في المنزل، وهذا من الواضحات كما يبدو لي، أما النزول عن هذا الحد البسيط فهو مشكلةٌ كبيرةٌ جدا، بل أدَّعي أنها من أكبر المشاكل في العلاقات الاجتماعية عموما، وفي الحياة الزوجية بشكلٍ خاص.

ما أردت طرحه هو جانبٌ آخر من جوانب الاهتمام، وهو ممّا يكون بطرقٍ غير مباشرة، ومن ذلك -لتقريب الصورة- مسألة اهتمام الزوجة بجمالها ونظافتها بشكلٍ عام، فهي وإن كانت بالدرجة الأولى تعبِّر عن اهتمامها بنفسها إلا أنه يكون اهتمامًا بالزوجة بالدرجة الثانية، وهذا ما قد نفهمه أيضًا من الروايات التي تحثُّ الزوجة على الاهتمام بنفسها والتهيُّؤ لزوجها، فهذا كما أفهم دعوة للاهتمام بالزوج عن طريق اهتمامها بنفسها، وهو كذلك في طرف الزوج بما يناسبه كرجل.

هذا النوع من الاهتمام بالآخر متضمَّنٌ بقلب الاهتمام بالنفس، سواء كان الآخر زوجًا أو أمًّا أو ابنًا أو غير ذلك، وهو أيضًا مناسبٌ لتراتب العلل والمعلولات من جهةٍ أخرى، حيث إن اهتمامي بنفسي علَّةٌ لمعلولاتٍ أخرى، من أهمها اهتمام الآخر وتقديره واحترامه لي، وبالتالي فإن اهتمام الإنسان بنفسه على أي حالٍ مهمٌ ومطلوبٌ لنفسه، بالإضافة لما قد يترتَّب عليه من نتائجَ أخرى.

محمود سهلان
٣ رجب ١٤٤٠هـ
١٠ مارس ٢٠١٩م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون