من هنا وهناك (٥٣) رغبةٌ أم حاجة؟

من هنا وهناك (٥٣) رغبةٌ أم حاجة؟


نعاني الكثير من المشاكل اليوم على المستوى الاقتصادي للفرد، نتأثر به أفرادًا وعوائل، وما ذلك إلا بسبب عدم تفريقنا بين الحاجة الفعلية والرغبات في واحدٍ من أهم الأسباب.

الرغبة في الحصول على بعض الكماليات، أو في الحصول على شيءٍ أكثر جودةٍ مما نملك، أو في شيءٍ أجمل منه، أو في ما نظهر فيه بزي الرُقي والغنى، مع كونه أعلى من قدرتنا الفعلية على ذلك باتت حالةً ظاهرةً بمستوى ما.

استبدال الهاتف المحمول مع أي إصدارٍ جديد، أو مع أي تحديثٍ باتت مسألة هوسٍ للبعض، ومصاريف الحفلات وفعاليات الزواج كانت ولا زالت تزداد، واقتناء سيارةٍ فارهةٍ لا تناسب مستوى الفرد الاقتصادي وحالته المعيشية هوسٌ آخر لدى البعض، وغير ذلك من التصرفات التي تُنتج في كثيرٍ من الأحيان زيادة الديون على الفرد نفسه.

عندما تسأل هؤلاء فإن كثيرًا منهم يقولون اقتنيت الشيء الفلاني لأنني أحتاجه، وفعلت الفعل الفلاني لأنه حاجةٌ مهمةٌ لي، لكن الواقع غير ذلك، فالأمر ليس أكثرُ من رغبةٍ في النفس ارتفعنا بها لمستوى الحاجة، فالحاجة ما يفتقر لها الإنسان أم الرغبة فهي ما يريده سواء احتاج له فعلًا أم لا.

لنجعل ما نريد على الميزان ونرى، هل هو حاجةٌ فعلًا أم هو رغبةٌ من الرغبات؟

أزعم أن الكثير مما نقتنيه ونسعى للحصول عليه سيظهر لنا أننا لا نحتاجه فعلا، بل هي رغبةٌ من رغبات النفس، والأمر يكون هيِّنًا عندما يكون صاحب الرغبة مقتدرًا عليها، ولكن المشكلة عند غير القادر الذي قد يضطر للعيش مكبلًا تحت قبة الديون في أغلب سنيِّ حياته..

محمود سهلان
٢٢ رجب ١٤٤٠هـ
٢٩ مارس ٢٠١٩م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون