من هنا وهناك (٤٣) ترسيخُ الحسنات
من هنا وهناك (٤٣) ترسيخُ الحسنات
ممّا تتميز به النفس الإنسانية اكتساب العادات، وكذلك القدرة على التخلّص من بعض العادات، فإن الإنسان قد يقوم بفعلٍ ما ويمضي عنه، ويبقى أثره في حينه فقط أو يمتد لوقت قصير، وربما كرَّر الفعل حتى صار عادةً له، وقد يتمكن منه فيكون ملكةً راسخةً في النفس، وهي مرحلةٌ عاليةٌ جدا، وقد يبلغ حد الاتحاد معه كما يذهب بعض علماء الأخلاق.
الأفعال الحسنة والسيئة في ذلك سواء، فلو كررت فعلًا حسنًا لمراتٍ متعددةٍ قد يتحول لعادةٍ وقد يتدرج في رسوخه بالنفس ويصل لأعلى مراتب الرسوخ بالنفس، والأفعال السيئة لا تختلف عن الأفعال الحسنة في ذلك، بل قد تكون أقرب للرسوخ لكونها ملائمةً لطبع الدعة والرخاء الذي تحبه النفس.
إذن ينبغي للإنسان أن يسعى لتعويد نفسه على الأفعال الحسنة، وأن ينأى بها عن الأفعال السيئة، كي تترسخَ محاسن الأفعال في نفسه، ويطرد باكتسابها الأفعال السيئة، وكي لا يكتسب السيئات فعليه السعي للابتعاد عن كل عملٍ سيءٍ مهما كان يراه بسيطًا وليس بذاك السوء.
وأشيرُ هنا لفائدة من فوائد الالتزام بالمستحبات والابتعاد عن المكروهات ما أمكن المؤمن ذلك، فإنه يعتاد على خصلةٍ عظيمة، وهي الطاعة للمولى تعالى حتى لو لم يكن الأمر إلزاميًا منه، وهو ما يسري في كل أعماله وحياته مع بعض العناية.
محمود سهلان
٢٢ جمادى الآخرة ١٤٤٠هـ
١ مارس ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق