من هنا وهناك (٤٦) الاضطرارُ للتبرير
من هنا وهناك (٤٦) الاضطرارُ للتبرير
نقوم ببعض الأفعال غيرِ الصائبة في الكثير من الأحيان فنضطر لتبريرها، وهذه الأفعال إذا تكرَّرت نفسها نظلّ نبررها، دون نظرٍ في مناشئها أو دون سعيٍ لتغييرها، والواقع أن الآخرين كلما زادت تبريراتك يُداخلهم الشك فيها ويبتعدون عن التصديق بها تدريجيا، إذًا تبرير نفس الأخطاء ليس في مصلحتك إن كنت مكثرًا منها.
الصحيح كما أراه هو البحث عن مناشئ الأخطاء ثم السعي الجاد لإصلاحها والتخلّص من تلك الأخطاء، فالمشكلة قد تظهر في الخطأ لكنه ليس إلا نتيجة اضطررتَ لتبريرها مُخفيًا خلفها ما نشأَتْ عنه، ولا يخفى أن نفس المنشأ قد يكون علةً لهذا الخطأ ولغيره، وبطبيعة الحال فمعالجته أولى من التبرير، بل وهو الحل لا التبرير.
أقوم بعملٍ مّا ثم أضطر لتبريره وخلق الأعذار لستره، ثم يتكرر مني ذلك، ثم أطالب الآخرين بالتقبل! وهذا كما أرى لا يعقل، فكيف أطالب الآخر برفع صورةٍ عني أنا تسببت بها، فيتعين أن أرفعها بمخالفته والقيام بالفعل الصحيح، وبعد ذلك أرجو ارتفاع الصورة السلبية التي رسمتُها في أذهانهم ورسم صورةٍ إيجابيةٍ عوضًا عنها.
خلاصة ما مرّ أن على الفرد أن لا يضطر نفسَه للتبريرات واختلاق الأعذار غير الواقعية، وأن لا يلوم الناس عندما تتكون لديهم صورةٌ سلبيةٌ لسوء اختياره هو، فهو الذي رسم الصورة وهو المسؤول الأول عنها، فأنا وإن كنت لا أدعو للتشاغل بالناس وما يقولون إلا أنني أدعو لاحترامهم، وبالختام دعوةٌ للتخلي عن أسلوب التبريرات غير الواقعية والانتقال لأسلوب إصلاح المناشئ مما يُمكن إصلاحه وطرد ما لا يقبل الإصلاح.
محمود سهلان
٢٦ جمادى الآخرة ١٤٤٠هـ
٥ مارس ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق