من هنا وهناك (٥٢) بالشكرِ تدوم النِّعم
من هنا وهناك (٥٢) بالشكرِ تدوم النعم
لا يمكن لأحدٍ من المخلوقات أن يَعُد نِعم الله تعالى عليه مهما سعى في ذلك، ولو تدبر فقط في جزءٍ من أجزاء جسده لعجز عن ذلك، بل ولو تأمل في جزءٍ مما يطرده الجسد منه كالشعر مثلًا لكفاه أن يعلم أنه لا يستطيع أن يحيط بنعم الله تعالى عليه، وهو الذي قال في محكم كتابه: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)[النحل/١٨].
حقُّ الشكر لله تعالى ثابتٌ وهو كذلك لأولياء النعمة صلوات الله وسلامه عليهم، ولا كلام في ذلك ولا نقاش، إنما عقدت هذه المقالة للتنبيه على أن للناس حقوقًا علينا أيضا، فلا بد من شكر من يقدم لنا خدمةً أو يقوم بواجبٍ تجاهنا، ونحن من خلال ذلك نحافظ على النعم كي لا تزول عنا.
عندما يؤدي أحدٌ واجبه تجاهك أو يقدم لك خدمةً أو يخفف عليك ألمًا أو غير ذلك، ثبت له حق الشكر من قِبلك، وهذا من الأدب والخلق من جهة، كما أنه سبيلٌ للمحافظة على النعم من جهةٍ أخرى، فإنك إن لم تقابل حُسن عمله بالإحسان قد تجعله يمتنع عن أداء واجباته أو المبادرة للخير والإحسان، فنفس الإنسان تحتاج لذلك، كما أنك عندما تشكره فإنك -في الغالب- تشكر الخالق كذلك لأنه هو الذي أجرى النعمة على يدي هذا الإنسان.
الشكر قد نُظهره بقولٍ وقد نظره بفعل، والأفضل أن نجمع بين القول والفعل، فالكلمات لها وقعها الكبير في النفوس، أما الفعل فآثاره واضحةٌ جدا، كما لو أنك لو رَددت الجميل بهديةٍ مثلا، إلا أنني أشير أن الكلمة في بعض الأحيان يكون وقعها أكبر في القلوب، لذلك ينبغي لنا أن نحرص على شكر من تفضَّل وأنعم علينا، وليس أولى بالشكر من الله تعالى أحد، فينبغي أن نشكره ونحمده دائما، كلما جرت علينا النعم منه، وإن كان أجراها على يدي أحدٍ شكرناه كذلك.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: (إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْكُمْ أَطْرَافُ اَلنِّعَمِ فَلاَ تُنَفِّرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ اَلشُّكْرِ)[نهج البلاغة].
محمود سهلان
١٦ رجب ١٤٤٠هـ
٢٣ مارس ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق