من هنا وهناك (٤٩) حبُّ النفسِ بين الذَّمِّ والمدح
من هنا وهناك (٤٩) حبُّ النفس بين الذمِّ والمدح
المتعارف بيننا أن حبَّ النفس أمرٌ سيءٌ في ذاته، أو فلنقل أننا نعبِّر به عندما نريد ذمَّ أحدٍ، فنقول ذمًّا لفلان: (فلانٌ يحبُّ نفسه)، لكننا لو تأملنا لوجدنا أن حب النفس في حدِّ ذاته غريزة، لكن المشكلة في ما تتبعه من أفعالٍ وتصرفات، لذلك لم نجد الرواية تقول: (حبُّ النفس رأس كلِّ خطيئة)، لكنها قالت كما عن الصادق عليه السلام: (رأسُ كلِّ خطيئةٍ حبُّ الدنيا).
المذموم هو حب الدنيا والتعلق بها، لا حب النفس، بل قد يكون حب النفس ممدوحا، فأنا عندما أنطلقُ من غريزة حب النفس وأفعل ما يلائم أكون ممدوحا، ومن ذلك أنني أبتعد عن الحيوانات المفترسة مثلًا كي لا تقتلني، وأتعالجُ من الأمراض، وليس ذلك إلا لأنني أحب البقاءَ وأحب نفسي، كذلك أنا أعبد الله طلبًا للنجاة والخلود في الجنة، لأنني أحب نفسي ولا أريد لها الخلود في العذاب.
بما قدَّمتُ يتضح أن حب النفس ليس هو المذموم في نفسه، لكنه يكون مذمومًا إذا قادني لحب الدنيا والتعلق بها، أما استعمالنا لحب النفس في الأمور المذمومة -فقط- فيبدو أن له جذورًا ثقافيةً غير صحيحة، إلا أن نجد له منشأً في كلام المعصومين، وهذا ما لم أجده على المستوى الشخصي، أما المنشأ فهو أمرٌ آخر أنتجته بعض الثقافات الخاطئة كما أرى والمجال ليس مجاله.
محمود سهلان
٣ رجب ١٤٤٠هـ
١٠ مارس ٢٠١٩م
تعليقات
إرسال تعليق