كُنْ مَعَ نُوحٍ
كُنْ مَعَ نُوحٍ (عليه السلام)..
عندما يبدأُ في صناعة السفينة وتركيب قِطعها،
فإنَّه الباب إلى الشارع المقدَّس، والعالم بما يَؤول إليه الأمر، والهادي إلى
سواء السبيل، ولا تَكُن مع المستهزئين، فإنَّهم لا عِلم لهم، وما استهزاؤهم إلا عن
جهلٍ وتكبُّرٍ وغرور، فكُنْ معه عندما يسخرون، ولا تَضعُف فهم أولى بأنْ يُسخَر
منهم كما سترى. قال تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ
مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا
نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } ]هود/٣٨[.
كُنْ مَعَ نُوحٍ (عليه السلام)..
والتزم طريق الإيمان واركب السفينة إذا فارَ
التنُّور وبدأتْ علامات الطوفان العظيم، فإنَّ هذا الطوفان إذا بدأ لا يحميك منه
شيءٌ إلا هذه السفينة، حتَّى الجبال لا تستطيع أنْ تَقِيَك شرَّ هذا الطوفان
وأمواجه العظيمة، فإمَّا أنْ تركب السفينة وإمَّا أنْ تكون من المُغرَقين. قال
تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا
مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ
وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} ]هود/٤٠[.
كُنْ مَعَ نُوحٍ (عليه السلام)..
ولا يغرَّنَّك شيءٌ من هذه الدنيا مهما وجدته
قويًّا وعظيما، فإنَّه لا يساوي شيئًا أمام قدرة الله تعالى، حتَّى الجبال الشامخة
لنْ تعصمك من أمر الله عزَّ وجل، فإنَّها لا تساوي شيئًا أمام عظمته، وإنْ كانت
الجبال عظيمةً فهي من خَلْقِه، والموج العاتي أيضًا من خَلْقِه مؤتمِرًا بأمره،
فلا يأخذَنَّك الغرور والعناد. قال تعالى: {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ
يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ
مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} ]هود/٤٣[.
كُنْ مَعَ مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ (صلوات
الله عليهم)..
إذا أمروا بأمر، وإذا بشَّروا ببشارة،
وأنذروا بنذير، وجاؤوا بوعدٍ أو وعيد، فإنَّهم باب الله، والهُداة إلى سبيله، وسُفنُ
النجاة في لُججِ البحار، فلا تهتمَّ للمستهزئين، ولا تضعُف أمامهم، فهم أولى
بالسخرية، وكلَّما بانتْ علامات فَوَرَان التنُّور، اركب سفينتهم، فإنَّه لا عاصم
من الطوفان وأمواجه إلا هي، ولا سبيل إلى النجاة إلا فيها، ومهما شكَّكَ المشكِّكُون
وأَبطَلَ المبطلون، وطالتْ المدَّة وبادتْ القرون، كُنْ على يقينٍ وانتظر الأمر،
فكما فار التنُّور، ستأتيك علاماتٌ من الله، وتنجو حينها في سفينة صاحب الزمان
(عليه السلام)..
وكما في وصيَّة صادقِ الآل، أقول: "القَولُ
منِّي في جميع الأشياء قَولُ آلِ مُحمَّدٍ فيما أسرُّوا وما أعلنوا وفيما بَلَغَنِي
عنهم وفيما لمْ يبلُغني". ]الكافي – ج١ – ص ٣٩١].
قال تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي
مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ
عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ]هود/٤٤[.
قال تعالى: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا
وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ
ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ]هود/٤٨[.
محمود سهلان العكراوي
الجمعة ٢٥ ربيع الثاني ١٤٤٢هـ
الموافق ١١ ديسمبر ٢٠٢٠م
تعليقات
إرسال تعليق