الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال السابع عشر


تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال السابع عشر:

 

]٢٤[ الرواية الثانية: محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن بابويه في كتاب التوحيد، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمَّد بن أحمد، عن عليِّ بن السندي، عن حمَّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يَهلَك أصحاب الكلام وينجو المُسلِّمون، إنَّ المُسلِّمين هم النجباء.

 

الفرق بين الكلام والفلسفة هو أنَّ الفلسفة الإسلامية تنطلق من العقل إلى النصِّ على اعتبار عدم التعارض بينهما، وتُؤوِّل الرواية بحسب العقل، لذلك تجد كثيرًا من التأويلات للفلاسفة، أمَّا الكلام فهو بخلافها حيث ينطلق من النصِّ إلى العقل؛ أيْ نكشف عن حكم العقل من خلال النص، والخطورة إنَّما هي في قراءة النصِّ بعقليَّةٍ كلامية، فقد أتوهَّم أحيانَا أنَّني أنطلق من النص، لكنَّ الواقع ليس كذلك، فأُحكِّم كلامي على النصِّ وأنطلق من خلال المباني المؤسَّسة بعيدًا عنه. لذلك إذا أردت أنْ تؤسِّس علمًا فلا بدَّ أنْ يؤسَّسَ على مسطرة كلام أهل البيت (عليهم السلام)، وإلا فهو المنهي عنه، سواء سمَّيته كلامًا أو لم تسمِّه، وشاهد هذا ما دار بين الإمام (عليه السلام) وهشام في مناظرة هشام مع عمرِو ابن عُبيد، واستحسان الإمام لكلام هشام كما في الكافي الشريف، فلاحظ كلام هشام في جواب الإمام، قال: (هذا شيءٌ سمعته منك وألَّفته)، فأيَّده الإمام كما يتَّضح في ذيل الرواية. ومن مثل هذه الرواية نفهم أنَّ المُفترض أنْ تكون البناءات على روايات أهل البيت (عليهم السلام) والانطلاق في ذِكر القواعد الفلسفية وغيرها أقل، وأنْ يكون الغالب هو ذِكر نفس كلامهم نصًّا، فيكون البناء أيضًا من نفس الروايات.

 

]٢٥[ الرواية الثالثة: وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن محمَّد بن عيسى، قال: قرأت كتاب عليِّ بن هلال إلى الرجل يعني أبا الحسن (عليه السلام): أنَّهم نَهَوا عن الكلام في الدين، فتأوَّل مواليك المتكلِّمون، أنَّه إنَّما نهى الذي لا يُحسن أنْ يتكلَّم، فأمَّا مَن يُحسن أنْ يتكلَّم فلم ينهَه، فهل ذلك كما تأولوا أم لا؟ فكتب (عليه السلام): المُحسن وغير المحسن لا يتكلَّم فإنَّ إثمه أكبر من نفعه.

 

السائل في هذه الرواية يستفهم إنْ كان تأوُّل الأصحاب صحيحٌ بأنَّ المنهيَّ هو الذي لا يحسن الكلام أم لا، فنهى الإمام (عليه السلام) عن الكلام ممَّن يحسن الكلام وممَّن لا يحسن.

 

أبواب الكلِّيات المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب٧ - عدم جواز التقليد في شيءٍ من الاعتقادات وأخذها من غير النبيِّ والأئمَّة الهداة عليهم أفضل الصلوات:

 

مرَّ في ما سبق من كلام الشيخ الحرِّ العاملي والروايات التي ذكرها أنَّ العلم الإجمالي موجودٌ لدى الإنسان، والمطلوب هو أخذ بيانها وتفاصيلها من عند أهل البيت (عليهم السلام).

 

]٢٦[ الرواية الأولى: محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن بابويه في كتاب معاني الأخبار، عن محمَّد بن عليِّ ماجيلويه، عن عمِّه محمَّد بن أبي القاسم، عن محمَّد بن عليٍّ الكوفي، عن حسين بن أيوب بن أبي عقيلة الصيرفي، عن كرام الخثعمي، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياك والرياسة وإياك أنْ تطأ أعقاب الرجال، إلى أنْ قال: إياك أنْ تنصب رجلًا دون الحُجَّة، فتصدِّقه في كلِّ ما قال.

 

الشاهد في هذه الرواية هو العموم المستفاد من كلمة الحُجَّة، والحُجَّة هو من يُحتجُّ بقوله، ولا يُحتجُّ إلا بقول الإمام (عليه السلام) مطلقا، وكلَّما اشتدَّ المقام اشتدَّ النهي كما لو كانت المسألة في العقائد، ممَّا جعل الرواية مناسبةً للاندراج تحت هذا الباب. واكتفى الحرُّ العاملي (رحمه الله) بهذه الرواية في هذا الباب.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون