الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الرابع عشر
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الرابع عشر:
]١٨[
الرواية الرابعة: وعن بعضِ أصحابنا، رَفَعَه عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى
(عليه السلام) -في حديثٍ طويلٍ- قال: يا هشامُ إنَّ العُقلاء تركوا فُضُول الدنيا
فَكَيفَ الذنوب، وتَركُ الدنيا مِنَ الفضلِ وتَركُ الذنوبِ مِنَ الفَرض.
العاقلُ لا ينشغل
فِكرُه فضلًا عن جوارِحِه بفضول الدنيا، والفضلُ هو ما لا يدخل في قِوامِ الأمر،
فأوَّل ما يُضحَّى به عند الضرورة هو هذا الزائد. فما الذي يدخل في قِوام هذه
الدنيا؟ وما الذي يُحافِظ على قوامها؟
مِنَ الفضلِ بعضُ
الأمورِ التي ثَبتَ لها بالبحث العلمي بعضُ الفوائد، ومن ذلك الموسيقى، ولكنَّنا
لا نستطيع أنْ نعتبرَهَا من العُمَد والقوام لأنَّ الشارِعَ نهى عنها، ونحن لا
نتمسَّك بشيءٍ اعتمادًا على البحث العلمي إذا كان يُخالِف الشَرع، فيكون بالتالي
من زوائد الدنيا.
نحن مسؤولون عن
هذه العُمدِ وما يُحافِظ عليها، وهذا ما نستفيده من الروايات التي تحدَّثت عن الخِصال
التي ينبغي أنْ يكونَ عليها العاقل، ورواية جنود العقل وغيرها، وكذلك لا بدَّ مِنَ
الدعاءِ في طلبِ العقل.
في الواقع لو أنَّنَا
التزمنا بهذه الرواية وأعطينا المُستحبَّات والمكروهات حقَّها مِنَ العناية، وربَّينا
أولادنا وأدَّبناهم عليها، فإنَّنا لنْ نحتاجَ بعد ذلك للحديث عن الواجبات والمحرَّمات،
فإنَّ الالتزام بها يكون من باب الأولى عند ذلك.
أبواب الكلِّيات
المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب٥ - أنَّ المعرفةَ الاجمالية ضروريَّةٌ فِطريَّةٌ
موهبيَّة، وأنَّه يجب الرجوع في جميع تفاصيلها إلى الكتاب والسنة:
]١٩[
الرواية الأولى: محمَّد بن يعقوب، قال: قال العَالِم (عليه السلام): مَنْ دَخَلَ
الإيمانَ بعلم، ثَبتَ فيه ونَفعَهُ إيمانه، ومَنْ دَخلَ فيه بغير علمٍ خَرجَ منه
كما دَخلَ فيه. قال: وقال (عليه السلام): مَنْ أَخذَ دينَهُ من كتاب الله وسنَّة
نبيِّه (صلَّى الله عليه وآله) زالتِ الجبالُ قَبلَ أنْ يزول، ومَنْ أَخذَ دينَهُ
من أفواه الرجال ردَّته الرجال، قال: وقال (عليه السلام): مَنْ لم يعرِفْ أمرَنَا
من القرآن لم يَتَنَكَّبِ الفِتن.
أيْ عِلمٌ، ثمَّ إيمان،
ثمَّ علم، فهذا الدخول في الإيمان لا بدَّ أنْ يكونَ مسبوقًا بعلم، فكلُّ حركةٍ
نحتاج فيها إلى معرفة، وبعدَ الدخول في الإيمان نحصُل على علمٍ جديد. أمَّا الدخول
من غيرِ تثبُّتٍ كالذي يلجَأُ إلى الله عندَ الحاجة فقط، ثمَّ يبتعدُ بَعدَ نيلِ
ما يُريد، وله شواهدُ من القرآن الكريم، وكذلك هناكَ مَنْ لا يكون إيمانُهُ إلا مع
الجماعة، أو اتباعًا لقولِ رجلٍ فقط، وغير ذلك.
إذنْ المسألةُ أنَّك
إذا أَردتَ أنْ تدخلَ في الدين فلا بدَّ مِنَ العلمِ الموهوبِ مِنَ الله تعالى.
أمَّا مَنْ أرادَ
أنْ لا يزولَ عن دينِ الله فلا بدَّ أنْ يأخذَ دينَهُ من القرآن وأهل البيت (عليهم
السلام)، أمَّا أَخذُهُ من غيرهما فلا يُوصِل لهذا المستوى من الثبات المذكور في
الرواية.
لذلك مِنَ الأمورِ
المطلوبةِ قراءةُ نفسِ القرآن ونفس الروايات، فلها مِيزَةٌ غير محسوسة، ولكنَّ هذا
ممَّا يُؤثِّرُ في عدم زوال إيمانِ الإنسان. وهذا لا يعني أنْ لا نَأخُذَ عن
العلماء، لكنَّ هذا يكون مع الاستناد للقرآن وأهل البيت (عليهم السلام).
تعليقات
إرسال تعليق