الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال السابع
تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيد محمد السيد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال السابع:
لا يزال الكلام في نفس الرواية السابقة..
لا بدَّ أنْ نلاحظ مقامات الكلام دائمًا، وفي هذه الرواية نحتاج لملاحظ هذه الجهة جيدًا، لأنَّ اختلاف المقام يؤدي لفهمٍ آخر، وكثيرًا ما تقع الخلافات بين العلماء لعدم التفريق بين مقامات الكلام، ومن العلوم التي يظهر فيها هذا الخلل علم الكلام.
عندما نتحدَّث عن الخلق يختلف عمَّا إذا تحدثنا عن الأمر [إشارة لقوله: إنْ الأمر إلا لله]، فالأمر هو الذي يكون منه الخلق ويكون منه الرزق وغير ذلك من الأمور الجديدة.
عندما ننتقل للحديث عن العقل وخلقه، نجد الرواية في الكافي تقول: (لمَّا خلق الله العقل)، وهذه الرواية متأخرةٌ عن رواية العِلل التي هي محلُّ كلامنا لأنها تتحدث عن الخلق، أما هذه الرواية فهي متقدمةٌ لأنها تتحدث عن سابق علم الله، وهنا تظهر أهمية تحديد مقام البحث.
تنبيه: في العقيدة ودروسها، سواء كانت مبنيَّةً على النصوص الشريفة أو على القواعد الفلسفية أو القواعد الكلامية، الأمر سيَّان في جانب رجوع مسألة التوحيد وأصول العقيدة إلى مبدأ استحالة اجتماع وارتفاع النقيضين في كلِّ المناهج.
بسبب هذا العقل لو أنَّ النفس وصلت لأعلى مراتب إنكار الحقِّ عن علمٍ وتحصيل، لا يمكن أنْ تستقيم والحالة العامة لهذه النفس إذا كان العقل ملتفتًا إلى المبدأ الأول، فالحامي لهذا الإنسان هو العقل الأول.
فعندما يقول الإمام (عليه السلام) عن الله جلَّ جلاله: (بِكَ أُوَّحد ...)، فكيف يكون ذلك التوحيد؟ الله سبحانه جعل هذا الارتفاع والشرف للعقل ثم قال: (بِكَ أُوَّحد)، فما هو مبدأ التوحيد؟ كلُّ إشكالٍ يأتي على مبدأ التوحيد يُرَدُّ بقاعدة استحالة اجتماع وارتفاع النقيضين، وهذا يُدركه العقل لا النفس أو العاطفة أو غيرهما، لكن ينبغي الالتفات أنَّ هذا وحده غير كافٍ للإيمان، فالحاجة للجانب الروحي والجانب النفسي في مقام الإيمان لا ينبغي الغفلة عنه، وهذا ممَّا يدعو له العقل كذلك.
عندما بيَّن الله تعالى كرامة العقل وعزَّته وشرفه وقداسته للعقل، خرَّ العقل ساجدًا مباشرة، فلم يتأخَّر للحظة، والآن انظروا في روايات طلب العلم، وعندما أكون ممَّن تحدث عنهم المعصوم (عليهم السلام) فكيف أستطيع أداء حقَّ شكر هذه النعمة أنْ وفقني لهذا الطريق، وكم أحتاج لحمد الله وشكره مقابلها. وعندما سجد العقل وبقي في سجوده فإنه وجد أنَّ هذا أعلى مقامٍ ممكنٍ لا يعلوه مقام، فأنكر ذاته وكلَّ شيءٍ آخر، وزهد حتى في الذكر الحسن.
تعليقات
إرسال تعليق