الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الرابع.



تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيد محمد السيد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:


المقال الرابع:


[٦] الرواية السادسة: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في كتاب العِلل، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله جعفرَ بن محمدٍ الصادق عليه السلام فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ عليه السلام: إنَّ الله ركَّب في الملائكة عقلًا بلا شهوةٍ وركَّب في البهائم شهوةً بلا عقلٍ وركَّب في بني آدم كلتيهما فمن غَلب عقلُه شهوَته فهو خيرٌ من الملائكة ومن غلب شهوته عقلَه فهو شرٌّ من البهائم.


هذه الرواية سندها صحيح، وقد قال المحقِّق الشيخ محمد القائيني أنه لما يجدها في كتاب العلل، لكنَّها موجودةٌ بحسب بعض النسخ، فالأمر محلٌّ للتحقيق على هذا، وقد وردتْ في الخصال -أيضًا- في باب العَشرة. ومحلُّ الشاهد فيها هو قوله (فمَنْ) وهو اسمٌ موصولٌ يُفيد العموم.


القاعدة: كلُّ مَن غَلب عقلُه شهوته فهو حصرًا دون غيره خيرٌ من الملائكة، وكلُّ من غلب شهوته عقلَه فهو حصرًا دون غيره شرٌّ من البهائم.


وقد فهمنا الحصر من الضمير المنفصل (هو)، وبالتالي نفهم عدمَ تدخُّل الغير في خيارات الإنسان، فمن غلب عقلُه شهوته يكون خيرٌّ من الملائكة ولا يتعدَّى الحكم إلى غيره حتى لو كان هذا الغير والده أو أستاذه، وعلى الطرف الآخر من غلب شهوته عقلَه فلا لومَ على صاحبه وخليله على أنَّ المرء على دين خليله، فقد نتمكَّن من استفادة عدم دخالة الغير في خيارات الفرد بشكلٍ مباشرٍ فهو مُحاسَبٌ على قَدر عقله المقسوم له. وعلى أيِّ حالٍ يتحمَّل الإنسان ما يكون عليه ولا يرمي بسوئه على غيره.


فائدةٌ: كان سؤال ابن سنانٍ عن الأفضلية بين الملائكة وبني آدم، وكان من الممكن أنْ يُجيب الإمام (عليه السلام) بأنَّ الملائكة أفضلُ إلا أنْ يغلبَ الإنسان شهوته بعقله، لكنه (عليه السلام) لم يكتفِ بذلك، فأضاف بيانًا إضافيًّا يُفيد منه السائل، فالظاهر أنَّ مجرَّد معرفة أفضليَّة الملائكة على الإنسان -مثلًا- لن يضيف للسائل شيئًا، لكنَّ البيان الإضافيَّ والمقدمات التي ذكرها الإمام أعطت السائل فوائد أخرى يُفيد منها في حياته. وهنا نؤكِّد أنَّ المسؤول ينبغي له أنْ يُلاحظ حال السائل وشأنه عندما يجيب على السؤال، وهذا ملاحظٌ عند تتبُّع طريقة الأئمَّة (عليهم السلام) في الإجابة على الأسئلة الموجَّهة إليهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون