الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال التاسع

 



تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال التاسع:

 

يقع الكلامُ في هذا الدرس حول سند الرواية التاسعة التي مرَّ الكلام في مضامينها:

 

أولًا: محمَّد بن الحسن بن الوليد: وَثَّقه كلٌّ من الشيخ النجاشي في رجاله، والشيخ الطوسي في رجاله وفي الفهرست، وابن الغضائري، والسيِّد الخوئي في معجم رجال الحديث، وقد ذكره تحت عنوانين، هما: محمَّد بن الحسن بن الوليد، ومحمَّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد. توفي في العام ٣٤٣هـ.

 

يمكن ملاحظة بعض الأمور في ما ذُكر في ترجمته: قال الشيخ الطوسي في الفهرست مع توثيقه: "جليل القدر، عارفٌ بالرجال"، وقال في كتاب الرجال: "بصيرٌ بالفقه"، وذكر أنَّه يروي عن الصفَّار وسعد، ويروي عنه التلعكبري.

 

السيِّد الخوئي: "وهو شيخ الشيخ الصدوق، يروي عنه كثيرًا في كتبه، وقد ذكره في المشيخة، ما يَقرُب من مائةٍ وأربعين موردًا، وكان يعتمد عليه ويتبعه فيما يذهب إليه.

فقد ذكر في الفقيه: الجزء٢، باب صوم التطوُّع وثوابه، ذيل حديث ٢٤١، وأمَّا خبر صلاة يوم غدير خمٍّ، والثواب المذكور فيه لمن صامه، فإنَّ شيخنا محمَّد بن الحسن رضي الله عنه كان لا يصحِّحُه، ويقول إنَّه من طريق محمد بن موسى الهمداني، وكان غير ثقةٍ، وكلُّ ما لم يصحِّحْهُ ذلك الشيخ قدَّس الله روحه، ولم يحكم بصحَّته من الأخبار، فهو عندنا متروكٌ غير صحيح". ]المعجم، ج١٦، ص٢٢٠-٢٢١[.

 

ثانيًا: محمَّد بن الحسن الصفَّار: لم نجدْ من طعنَ في وثاقته، ولكنَّ الأمر المهمَّ المُتعلِّق به هو ما يتعلَّق بنسبة كتاب بصائر الدرجات له من عدمها.

 

ثالثًا: إبراهيم بن هاشم: معروفٌ بين أصحابنا كثيرُ الرواية، وروى عن كثير، حتَّى قارب عدد المشايخ الذين روى عنهم مائةً وستِّين شخصًا، وطريق الفهرست إليه صحيحٌ كما ذكر في آخر الفهرست، وروى عنه الصدوق بطريقين صحيحين، وقيل أنَّه أوَّلُ من نشرَ حديث الكوفيِّين بقم، وقد يتوقَّف فيه بأنَّه لم يردْ فيه ذمٌّ ولا توثيق، وشكَّكوا في كونه لقي الرضا (عليه السلام) وأنَّه من تلاميذ يونس بن عبد الرحمن (رضي الله عنه)، وهو والد عليِّ بن إبراهيم القمِّي صاحب التفسير المعروف. مع ذلك قال السيِّد الخوئيُّ لا ينبغي الشك في وثاقته، وادعى ابنُ طاووس الاتفاق على وثاقته، وأحصى رواياته السيِّد الخوئيُّ وقد بلغت ما يتجاوز ستَّة آلاف مورد.

 

إنما ينطلق البحث في إبراهيم بن هاشم من السؤال: لماذا مع كثرة روايته لم يوثَّق نصًّا ولم يضعَّف؟

 

ملاحظةٌ: السيِّد الخوئيُّ ألزمَ نَفسَه بالتحذير من الشك في روايات إبراهيم بن هاشم، ويبرِّره بدعوى ابن طاووس بالاتفاق على وثاقته، ولكنَّه عادةً لا يقبل الدعوى دون دليل، وكذلك اعتماده على كثرة رواية إبراهيم بن هاشم في التوثيق غير معتادٍ منه، فإنْ اعتمده هنا فينبغي أنْ يكون مبنًى له ويجري ذلك في غير إبراهيم بن هاشم حينئذٍ.

 

تنبيه: يختلف التوثيق بينما إذا كان بالنصِّ على وثاقته وإذا كان بالقرائن، فمن نُصَّ على وثاقته يقدَّم عادةً على غيره عند استحكام التعارض.

 

علي أيِّ حالٍ ممَّا ينبغي العمل والسعي فيه رسالة في إبراهيم بن هاشم.

 

رابعًا: أبو إسحاق إبراهيم بن الهيثم الخفَّاف: وجدناه تحت عنوان أبي إسحاق الخفَّاف، وهو مجهولٌ كما في زبدة المقال، ولم نجد له ذكرًا عند النجاشي والشيخ وابن الغضائري، والقرينة على أنَّ إبراهيم الخفَّاف هو أبو إسحاق الخفَّاف هي رواية إبراهيم بن هاشم عنه، وقد روى عن محمَّد بن أبي زيد.

 

خامسًا: عن رجلٍ من أصحابنا: من المُحتَمَل أنْ يكون محمَّد ابن أبي زيد لرواية إبراهيم بن هاشم عنه، لكنَّه يبدو ربطًا بعيدًا، والذي قد يُعين في معرفته النظر في ترجمة عبد الملك بن هشامٍ الحنَّاط. ونرجِّح أنَّه أشكيب بن عبدك الكيساني أو الكسائي، لأنَّه روى عن عبد الملك بن هشام بن سالم الحنَّاط، وعبد الملك أيضًا مجهول الحال. فلا اعتبار حينذاك بقول الخفَّاف (عن رجلٍ من أصحابنا) فهو غير معروفٍ فلا يمكن الاعتماد على قوله هذا، حيث يختلف الحال لو كان قائلها ثقةً من الرجال.

 

سادسًا: عبد الملك بن هشام: هو الحنَّاط بن هشام بن سالم، وهو مجهولٌ أيضًا.

 

سابعًا: علي الأشعري: مجهولٌ أيضًا.

 

ومع هذا نقول الرواية صحيحةٌ، لرواية محمَّد بن الحسن بن الوليد، وذلك لأمرين:

الأول: أنَّ محمَّد بن الحسن بن الوليد من أشدِّ الرجاليين، وله مبانيه الخاصة في الرجال.

الثاني: أنَّه يرى أنَّ أُولى درجات الغلوِّ القول بعدم جواز السهو على النبيِّ صلَّى الله عليه وآله.

 

فائدةٌ: الشيخ الصدوق متأثِّرٌ كثيرًا بشيخه ابن الوليد، بل يقول ببعض مقالاته.

 

بعد هذا نقول أنَّ هناك طريقان في التعامل مع الأسناد:

الأول: أنْ نعتمد ما ذكره الشيخ النجاشيُّ والشيخ الطوسيُّ في كُتبِهما ولا نتجاوز ذلك.

الثاني: أنْ نسعى في البحث عن أحوال الرجال فمن لمْ يُوثَّقْ في كُتبِهما نبحث عن القرائن كي نتعرَّف على أحواله.

 

والثاني هو الصحيح دون أيِّ شكٍّ، فهو أمرٌ طبيعيٌّ وهو الأقرب للطريق العلمي والمنهجيَّة العلميَّة، فمن الطبيعي أنْ تسقط بعض الترجمات ويغيب بعض الرجال عن الشيخين.

 

ختامًا: في مقام الاستنباط الفقهيِّ هذه الرواية لا يُعتَمد عليها عند اعتماد المنهج السندي لما فيها من ضعفاء ومجاهيل كما مرَّ.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون