الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العاشر


 


تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال العاشر:

 

تتمةٌ في الرواية العاشرة:

 

هذه الرواية موجودةٌ في الكافي الشريف وهي وصيَّة الإمام الكاظم (عليه السلام) لهشام بن الحكم، ومن الجيِّد مطالعة الرواية من الكافي ومن الخصال والمقارنة بينهما لاختلاف المُفردات في الحديثين.

 

مشكلتان في سند الرواية:

 

الأولى: أحمد بن هلال هو ممَّن عرض عليه الانحراف بعد استقامته حاله كحال البَطَائِني والشَلْمَغَاني، فقد يُحكم بالأخذ بروايته قبل انحرافه، والأمر يحتاج لمزيد نظر. وهنا يأتي سؤال: هل كلُّ من انحرف يؤخذ بروايته قبل الانحراف أم لا بدَّ من إجازةٍ من المعصوم (عليه السلام)؟ أم هناك طُرقٌ أخرى كإحراز العلماء استقامته قبل انحرافه؟

الثانية: أُميَّة بن عليٍّ متهمٌ بالغلو، وهي مشكلةٌ في التشخيص، وفي مثل هذه الحالة ننظر في أمرين:

الأول: مَنْ الذي اتَّهمه بالغلوِّ؟ فقول الشيخ النجاشي أو ابن الوليد بغلوِ رجلٍ -مثلًا- يختلف عمَّا لو قاله غيرهما، ومن بعد ذلك ننظر في رواياته.

الثاني: الرواية التي نحن بصددها وبسندها في الخصال لا علاقة لها بالغلوِّ والانحراف، كما أنَّها مرَّت في نهاية سندها على ثِقَتين جليلين من المُشتغِلين بالحديث، وهما الصدوقان الأول والثاني، فيَبعُد أنْ يكون فيها عِلَّةٌ فتمرُّ عليهما معًا.

 

والكلام في كون الثقات في نهاية السند، لا في بداية أو وسط السند، فاحتمال التحريف في الحالتين الأخيرتين أكثر.

 

عندما نرجع إلى الخصال في هذه الرواية نجد فيها بيانًا لِمَا يتحقَّق به العقل، وهي عشرة أمور، وضبطها في الخصال (لم يُعبدِ الله) بخلاف ضبطها هنا في الفصول حيث قال (ما عُبِدَ الله).

 

سؤال: لماذا كان من العقل (الخير منه مأمول، والشرُّ منه مأمون)؟

الجواب: لا شرَّ إلا للدنيا، ولا خير إلا بحاكميَّة الآخرة أو لا أقلَّ حاكميَّة القِيَم، والعاقل متعلِّقٌ بالله تعالى وبالقيم، وأبعد ما يكون عن الدنيا، لذلك تجد أنَّ الحال يصل أحيانًا إلى أنَّك تحذر في التعامل مع البعض كيْ لا يلدغَكَ بلسانه.

 

تنبيه: الذلُّ أحبُّ إليه من العز، ليست على إطلاقها، وهناك رواياتٌ تبيِّن المُراد منها، وأُوِّلَ ذلك بأنَّ الذلَّةَ أمام الله تعالى. أمَّا أنَّه لا يرى أحدًا إلا خيرًا وأتقى منه فالمراد من المؤمنين لا أيَّ أحد.

 

يتَّضح بملاحظة مضامين الرواية أنَّها بعيدةٌ عن الغلوِّ والانحراف، فلا يُشكِل وجود أحمد بن هلال أو أميَّة بن عليٍّ فيها. كما أنَّ الرواية موجودةٌ في الكافي بسندٍ آخر.

 

]11[ الرواية الحادية عشر: محمَّد بن محمَّد بن النعمان في كتاب الاختصاص، قال: قال الصادق (عليه السلام): إنَّ الله لمَّا خلق العقل، قال له: أقبل فأقبل ثمَّ قال له: أدبرْ فأدبر فقال: وعزَّتي وجلالي ما خلقت خلقًا أعزَّ عليَّ منك، أؤيِّد مَنْ أحببتُهُ بِك.

 

قوله (أُؤيِّد مَنْ أحببتُهُ بِك) لفظةٌ جديدة، يمكن جمعها مع باقي الروايات التي تضمَّنَت نفس المضمون كقوله: (وما أكملتكَ إلا فيمَنْ أُحِّب). والتأييد يعني وجود موضوعٍ للتأييد فهو لا يكون عن فراغ، وهو أمرٌ مهمٌّ، فلا يكون التأييد إلا بعد أنْ يتحرَّكَ العبد نحو أمرٍ ما. كما لو تردَّدَ بين عِدَّة أطرافٍ فيجيء التأييد من الله تعالى بالعقل حينها.

 

التأييد ليس هو مجرَّد جعل العقل في الفرد، ولا إكمال العقل، بل هو تحريك العقل في مصلحة صاحبه، فقد لا يعمل بما يوافق كمال عقله بسببه هو.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون