من هنا وهناك (٧٦) التربية والرقابة
في العقود الأخيرة اقتحمتْ حياتنا الكثير من الأمور الجديدة، فمن التلفاز إلى الانترنت إلى الهواتف الذكية والأجهزة الحديثة، ثم إلى ما تحويه هذه الأجهزة الحديثة من صفحاتٍ وتطبيقات.
في السابق كان أمر الرقابة أسهل بكثير، خصوصًا إذا جعلنا في الاعتبار نمط الحياة والتربية في تلك الأزمنة، فكان الآباء والأمهات وكل صاحب مسؤوليةٍ يراقب الصغار ويساعد في تربيتهم من جهة، ولم تكن هذه الأجهزة موجودة، إنما كنا نرى الأبناء وما يفعلون أمام أعيننا، ولو حدث منهم فعلٌ في الخفاء كان اكتشافه ليس صعبًا كصعوبته اليوم، فالجهاز اليوم في يد الطفل، ولا نتمكن من مراقبته طوال اليوم.
يتابع الطفل المسلسلات الكارتونية المخلة بالآداب والمليئة بالثقافات الفاسدة، ويفتح تطبيقات الهاتف والأجهزة الإلكترونية ويرى ما يرى ويتابع ما يتابع دون رقابةٍ كافيةٍ من الأهل، فتترسَّخ الصور المخلة والأفكار السيئة في ذهن الطفل، ثم تكبر معه فإنَّها تنتقش في ذهنه، وقد لا تظهر آثارها إلا بعد أنْ يكبر، ولا يتمكن أحدٌ من إرجاع ما يكون عليه من سلوكياتٍ إلى مناشئها.
قد يقال ينبغي أنْ نمنع هذه الأجهزة عنهم، ونمنعهم من مشاهدة التلفاز.. فنقول إنْ كان ذلك ممكنًا فهو أمرٌ جيد، لكن الواقع يقول أنَّه غير ممكنٍ للغالبية العظمى في ظل الاستسلام لنمط الحياة اليوم، وقد يكون له أضراره أيضا.
إذا لم نتمكن من منع هذه الأجهزة والحال هذه، فلا بد حينئذٍ من التقنين للاستعمال ثم الرقابة المناسبة، أما ترك الأطفال يفعلون ما يريدون، من أجل إسكاتهم وتحقيق حالةٍ من الهدوء (لأنفسنا)، فإنّّنا ندمرهم ونرسلهم إلى حيث لا نريد، ثم سنبكي على كل هذا إذا ظهرت النتائج عندما يكبرون..
قليلًا من المسؤولية فقط..
محمود سهلان
السبت ٢٦ ذو القعدة ١٤٤١هـ
الموافق ١٨ يوليو ٢٠٢٠م
تعليقات
إرسال تعليق