من هنا وهناك (٧٤) أتستغني عن الناس أبدا؟



يظن بعض الناس أنَّه يمكنهم الاستغناء عن غيرهم من الناس مطلقا، فيُؤثِّر ذلك في سلوكياتهم بشكلٍ ملحوظً جدًّا سواء انتبهوا إلى ذلك أم لا، لكن الوجدان يحكم بكلِّ وضوحٍ على هذا الظن منهم بالخطأ، وبأدنى تأملٍ يصل الإنسان لنتيجةٍ واضحة، وهي عدم قدرته على الاستغناء عن غيره من الناس، ولا حاجة للتفصيل في ذلك الآن..

في أصول الكافي للشيخ الكليني افتتح كتاب العِشرة بالرواية التالية:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): عليكم بالصلاةِ في المساجد، وحسنِ الجوار للناس، وإقامةِ الشهادة، وحضورِ الجنائز، إنّّه لا بدَّ لكم من الناس، إنَّ أحدًا لا يستغني عن الناس حياتَهُ والناس لا بدَّ لبعضهم من بعض. [الكافي، ج٢، كتاب العشرة، باب ما يجب من المعاشرة، ح١].

ومحل الشاهد واضح، فقد ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) قاعدةً واضحة، أختصرها هكذا: (لا يمكن للإنسان أنْ يستغنيَ عن الناس طوال حياته).

هذه الرواية والوجدان حاكمان بما أردنا إيصاله، فالدعوى بعدم الحاجة إلى الناس -في هذه الدنيا- مطلقًا باطلة، بل حاجتنا للناس ثابتةٌ ظاهرةٌ أمامنا في كل يوم. وبالتالي ينبغي للمؤمن أنْ يجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ويعمل بما تقتضيه، وإنْ كانت بعض مقتضياتها غير واضحةٍ لنا فإنّّ الملجأ دون شكٍّ هم أهل البيت (عليهم السلام)، وقد بيَّنوا في الروايات الشريفة أصول ذلك، بل تطرَّقوا إلى بعض الخصوصيات والحيثيات الدقيقة فيها.

من تلك الأعمال الأساسية التي استفاضت في عِدة روايات، ما ذكرته هذه الرواية المباركة: الصلاة في المساجد، وحسن الجوار، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز.

إنه لا بدَّ لكم من الناس، فكيف إذا كانوا من الأرحام والأقارب..

محمود سهلان
١١ ذو القعدة ١٤٤١هـ
٣ يوليو ٢٠٢٠م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون