قصصٌ من البحرين (٤) في فضلِ البحرين
قصَصٌ من البحرين (٤) في فضلِ البحرين
في الحديث عن فضلِ البحرين [أوال وهَجَر والخُط] أنقل بعض ما ذكرَه العالم الربّاني الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني، في كتابه الجليل: (أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين). ومنه:
"وأمّا فضلها على كثيرٍ من غيرها فقد حدّثني أقدم مشائخي العلامة الثقة الثَّبت الحفظة الوالد الروحاني التّقي الصالح الشيخ أحمد بن الشيخ صالح البحراني قدّس الله نفسه ونوَّر رَمسه وأسنده، أنه لما أمر الله رسولَه محمدًا المصطفى (ص) بالهجرة من مكة بعد موت عمّه وكافله سيد البطحاء بيضة البلد أبي طالب، وتظاهر المشركين عليه، نزل عليه الأمين جبرئيل (ع) من الربِّ الجليل وخيّره في الهجرة إلى البحرين أو فلسطين أو المدينة، فترك صلى الله عليه وآله البحرين من أجل البحر، وترك فلسطين لبعدها، واختار المدينة لقربها من مكة، انتهى كلامه علا في الفردوس مقامه.
قلتُ ثمّ بعد مدّة مديدة وقفت على خبرٍ رواه العلامة الثاني الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني، في المجلد الثاني من كتابه أزهار الرياض، والظاهر أنه عن الإمام الصادع بالحق والناطق جعفر بن محمد الصادق (ع) بالتفصيل الذي ذكره قدّس سره، إلا أني لم أكن بصدد هذه الكتابة حتى أنقلَه بلفظِه، وهذه فضيلةٌ عظيمةٌ تدل على شرف الأرض وقبول أهلها للألطاف، بحيث تكون مثوى لسيد المرسلين ومُهاجَرةً لخاتم النّبيين، واستراحته إليها عن أذيّات المشركين.
ومنها أنها أسلمت للنبي (ص) طوعًا بالمكاتبة كما ذكره جملة من أهل التواريخ والسّير من الخاصة والعامة كما سيأتي، حتى أن الفقهاء صرّحوا في كتبهم الفقهية في أحكام الموات، بأن البحرين حكمُها حكم المدينة [المنورة] لأنهما أسلما طوعًا لا عنوةً، بل ذكرها شيخنا الشهيد الأول في اللمعة مرتين، مرةً في إحياء الموات، ومرةً في كتاب الخمس". [أنوار البدرين: ص٢١].
وقال في وصف أهل البحرين:
"وقد كان أهلُ البحرين من قديم الزمان من الشيعة المخلصين، والموالين لمولانا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين وأبنائه الأئمة الطاهرين عِترة الرسول الأمين، صلى الله عليه وآله الميامين، وكانوا من الزُّهد والورع والتقوى والتمسك بالعروة الوثقى والسبب الأقوى بمكانٍ مكين وثباتٍ ويقين، كما ستطلع إن شاء الله تعالى في المقدمة على بعض أحوالهم...". [أنوار البدرين: ص١٧].
أقول أنّ إنسانًا هذا تاريخُه وأصله، وهذا تاريخُ أرضِه وأجداده، حريٌ به أن يقتفي الآثار، وأن يقابلَ مطامع الدنيا بالإيثار، وأن يقبل من العيش باليسار، وأن يعمل لله الواحد القّهّار، وينهج نهجًا يُبعده عن أهل النار، وأن يرتدي رداء الصبر في الليل والنهار، وأن يلتزم نهج محمدٍ وآله الأخيار، صلوات الله وسلامه عليهم حين الإقبال والإدبار..
محمود سهلان
٥ ذو الحجة ١٤٣٨هـ
٢٧ أغسطس ٢٠١٧م
تعليقات
إرسال تعليق