من هنا وهناك (٥٧) أينَ هي قيمةُ العلم؟!

من هنا وهناك (٥٧) أينَ هي قيمةُ العلم؟!


عندما يصل أبناؤنا إلى سنٍّ معينةٍ ندفعهم نحو رياض الأطفال والمدارس (لطلب العلم)، وطلب العلم أمرٌ مطلوبٌ في ذاته بلا إشكال، بل هو من أشرف ما يتميز به الإنسان في هذه الحياة، لكن المشكلة أننا نرسلهم -في الأعم الأغلب- من أجل الشهادة لا من أجل نفس العلم، فيتحول العلم من غايةٍ إلى طريقٍ لنيل الشهادة وتحصيل الوظيفة!!

لا مانع من أن يستفيد الفرد من علمه في الحصول على الوظيفة المناسبة، بل عندما يكون ذا كفاءةٍ فهو أحق من غيره حينئذ، لكن الكفاءة لا تحققها الشهادة فقط، فالفرق كبيرٌ جدًا بين من تعلَّم وجاءت الشهادة تبعًا لعلمه، وبين من تعلم من أجل الشهادة ولم يكسب علما..

المطلوب أن نرسل أبناءنا ليتعلموا، لا أن نربط التعلم بالشهادة والوظيفة، فالعلم هو المطلوب بالذات أما غير ذلك فيأتي تبعا، وفي الكثير من الأحيان لا يأتي، فكثيرًا ما يحصل بعض الطلبة على شهاداتٍ عاليةٍ لكنهم لا يحصلون على الوظيفة المناسبة، وقد يكون بعض الأفراد غير متعلمين لكنهم يملكون مشاريعهم الخاصة ومدخولًا ماليًا كبيرا..

من أكبر أخطار هذا التفكير وهذه النظرة أنها تجعل العلم والذي هو الأشرف وسيلةً لنيل المال، بل وتخلق في نفوس الأبناء ثقافة التمحور حول المال، فإذا كان العلم طريقًا للمال، فما الذي يجعل الأشياء الأخرى غير العلم بعيدةً ومترفِّعةً عن هذا الشأن، فيتحول كل شيءٍ في نظر الأولاد إلى أحد أمرين من جهة الأهمية، فإن كان يجلب المال فهو مهم، وإلا فلا، حتى التدين يكون لا شيء حينها في ذهنه عندما يكبر، ببركات تربيتنا له على جعل كل شيءٍ وسيلةً للمال..

هل هذه دعوةٌ مني لعدم السعي في طلب الرزق؟ بالتأكيد هي ليست كذلك، وإن كنتَ تراها كذلك فعليك بإعادة النظر..

أما أفضلية العلم على المال فتكفينا في ذلك الكلمات الكثيرة عن أمير المؤمين وأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين..

محمود سهلان
١٢ شعبان ١٤٤٠هـ
١٨ أبريل ٢٠١٩م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون