الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الحادي والأربعون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الحادي والأربعون:
كتاب من لا يحضره
الفقيه مُقاسٌ على من لا يحضره الطبيب، وصفته أنه يغنيك، وكذا الاستبصار والتهذيب
والكافي، فهذه الكتب بما أنها حاويةٌ لروايات أهل البيت (عليهم السلام) يُفترض
أنها استوعبت أبواب الفقه.
ولكن مَن الذي كتب
هذا الكتاب، الشيخ الصدوق في القرن الرابع الهجري، فمَن يريد قراءة من لا يحضره
الفقيه لا يصح أن يقرأه بعقلية اليوم، بل ينبغي له أن يقرأه بعقلية زمان الكتاب.
في الواقع، النقوض
التي نُوردها على كتب المتقدمين أغلبها لا تكون صحيحةً لأننا نقرأ كتبهم بعقلية
اليوم لا بعقلية زمن كتابة تلك الكتب، فنجد مواضيع مهمةً كالاجتهاد والتقليد لم
يتحدث عنها المتقدمون، وذلك لأنه لم تكن لديهم حاجةٌ لذلك، ولكن هذا الموضوع له
أصلٌ عندنا، أيْ عنوانٌ بتمام حيثياته يصدق على الاجتهاد والتقليد بلا تكلف.
أما الإشكالات
التي أوردوها على من لا يحضره الفقيه فغير صحيحة، والجواب عليها أنك تقرأ الكتاب
بموازينك اليوم -كما قلنا- لذلك أشكلتَ بهذه الإشكالات، ولو جئنا بالشيخ الصدوق
اليوم وبعقلية الأمس كذلك لن يستطيع التعامل مع عقلية اليوم ما لم يتعامل بهذه
العقلية، لا لأفضلية أحدٍ على الآخر، بل لأنه مقتضى الحال.
استطرادٌ في إحياء
أمر أهل البيت (عليهم السلام):
عندما نرجع لمسألة
إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) بالأساليب الحالية، فظهورها بشكلٍ واضحٍ بهذا
الشكل بدأ في الدولة الصفوية، بسبب صراعهم السياسي مع الدولة العثمانية، وحيث إن
الدولة العثمانية اتخذت واجهةً دينيةً من المخالفين، احتاجت الدولة الصفوية لاتخاذ
واجهةً دينيةً مقابلة، ومنحوا الفرصة للعلماء للعمل، وكذلك بدأت فكرة المواكب
لترسيخ العقيدة في نفوس الناس، فبداية الظهور الواسع لهذه الإحياءات كان في تلك
الفترة، وللأسباب المذكورة. وجاءت بعد ذلك الدولة القاجارية بنفس الطريقة. لكن أهل
البيت (عليهم السلام) قد أسَّسوا لذلك سابقا، ويكفينا في ذلك كتاب كامل الزيارات،
خصوصًا في مسألة الزيارة.
تنبيهٌ في الإرجاع
إلى العمومات:
الإرجاع إلى العموم اعتباطًا غير صحيح، فلا بد أن يكون الإرجاع صحيحا، فإنك لا بد أن تحدِّد المُستوعَب، وتحدِّد المشمول، وهذا متوقفٌ على معرفة كل جهات مدخول أداة العموم، وبعد تحديده تتمكن من الإرجاع للعام، وبعد التحديد للعام يكون مجال التوسع في الفقه من فهم العموم، وفهم العموم ليس من روايةٍ واحدة، بل من كل الروايات، والتي لا تكون قريبةً من المورد محل البحث أحيانا، فصيانة الدين وحفظه في نفوس المؤمنين -مثلًا- دليلٌ على الإحياء الذي نقوم به اليوم ومشروعيته ومطلوبيته.
تعليقات
إرسال تعليق