الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الرابع والستون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الرابع والستون:
]١١٤[
الرواية الحادية عشر: وعن محمَّد بن أبي عبد الله، رَفَعَه، قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام): ابن آدم لو أَكَلَ قلبَكَ طائرٌ لم يُشبِعه، وبصرك لو وُضِعَ عليه
خرق إبرةٍ لغطَّاه، تريد أنْ تعرفَ بهما ملكوت السماوات والأرض؟ إنْ كُنتَ صادقًا
فهذه الشمس خلقٌ من خَلْقِ الله، فإنْ قدرتَ أنْ تملأ عينيك منها فهو كما تقول.
تنبيه:
من الأمور المهمة
في قراءة النصوص ضرورة قراءة النص بتمامه، فقد يكون البيان المتأخر هو الذي يبيِّن
المراد من هذا النص ككل، كما وجدنا هنا في ذيل الرواية عندما ذكر النظر في الشمس،
ومن الأمثلة الواضحة في هذا آية التبين من نبأ الفاسق.
إن القلب ينفعل
بما يصل إليه من صور، فلو فتحت الباب ووجدت أسدًا أمامك ماذا يحدث؟ يتفاعل القلب
مع الصورة وتحصل حالةٌ من الانقباض والخوف عندك، مع أنك لو دقَّقت فيه فقد تجده
مجسَّمًا للأسد لا أسدًا حقيقيا، ولو كنت تستطيع النظر في الشمس لحصلت لها صورةٌ
حقيقيةٌ في القلب، وانفعلتَ معها بحسب هذه الصورة الحقيقية، لكنك في الواقع لا
تراها على حقيقتها التامة، ولا تُدركها، فلا تستطيع التعامل معها من هذه الناحية،
فإن للنظر فيها مرتبتين: الأولى هي القدرة على النظر فيها، والثانية مرحلة استقرار
القلب عند النظر فيها، بعد الانتهاء من هذا الأمر الذي تعجز عنه -وهو النظر في
الشمس- تعال لننظر في الملكوت، وهو غير مقدورٍ كما هو واضح.
والمراد من قوله
(عليه السلام): "تملأ عينيك منها"، هو أن تكون عندك معرفةً
تفصيليةً بها.
]١١٥[
الرواية الثانية عشر: وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمير، عن محمَّد
بن يحيى الخثعمي، عن عبد الرحيم بن عتيك القصير، قال: سألت أبا جعفرٍ ]عبد الله[
(عليه السلام) عن شيءٍ من الصفة؟ فرفع يده، ثم قال: تعالى الجبار تعالى الجبار من
تعاطى ما ثَمَّ هلك.
قد يكون سؤال
السائل عن صفةٍ لا تليق بمقام الربوبية، إذ الكلام في الصفات ليس منهيٌ عنه، ولعلَّ
الإمام (عليه السلام) أراد تخويف السائل هنا لا إجابته.
]١١٦[
الرواية الثالثة عشر: وعنه، عن أبيه، عن اليعقوبي، عن بعض أصحابه، عن عبد الأعلى،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث، أنَّ رجلًا سأل النبيَّ (صلَّى الله عليه
وآله) عن الله كيف هو؟ قال: كيف أصفُ ربِّي بالكيف والكيف مخلوق، والله لا يُوصف
بخلقه.
الكيف من العوارض،
وهي ما نحتاجه للإبراز والتشخيص في هذه النشأة الدنيا، وهي موضوعاتٌ مستقلةٌ
بذاتها لكنها لا تظهر إلا في موضوع، وهو -أي الكيف- مخلوق، فلا يوصف الخالق به.
الرواية الرابعة
عشر: ]نذكرها كاملة في المقال التالي[.
الإقرار راجعٌ إلى
العلم الإجمالي والعلم التفصيلي، فالعلم الإجمالي يحقِّق الإقرار، وهو موجود، لكنْ
على التفصيل هذا غير معلوم، فالمعرفة التي يمتلكها العقل هو ما يكفي للإقرار.
عدم المعرفة
التفصيلية لا ينفي المعرفة الإجمالية ولا يزلزل الإقرار، فوجود الله وخالقيته
وقدرته وغيرها قام عليها البرهان، فلو لم نتمكَّن من معرفة التفاصيل أو اختلفنا
فيها لا يعني نفي تلك الأمور التي انتهينا إليها بالبرهان.
نعم الاختلاف والخلل في التفاصيل في المقام يدعوني لمراجعة المقدمات في مقام الدليل؛ أيْ لا تنقض على برهاني ودليلي بالتفاصيل، بل نعود لمناقشة المقدمات ونسير معها.
تعليقات
إرسال تعليق