الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثالث والستون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الثالث والستون:
زيادة بيان
للرواية السابعة التي سبق الكلام فيها:
قلنا أن الدال لا يكون على نحو المطابقة التامة للمدلول كصفةٍ لله تعالى، كما إذا قلت الله عالِم، فأنا لا أدرك مدلول العالِم التام.
لماذا لا يمكن أن
يصف الله تعالى إلا هو؟
قلنا أنك إذا أردت
أن تصف شيئًا -بالرجوع لمبحث الوضع- فأنت تحتاج لتصور الموضوع وتصور الموضوع له،
أي تتصور المعنى واللفظ، وهذا أول شروط الوضع، والتوصيف وضع، فإنك تريد أن تبين
أمرًا موجودا، وهذا الموجود لا بدَّ أن تتصوره، وتصور الجزء والوضع للكل ممتنع،
وهذا هو الحال مع الله تعالى، فإنه لا يمكن الإحاطة به تعالى، فلا يمكنك وصفه،
وبالتالي تقف عند ما وصف به نفسه فقط، وتستعمله كدال، ولا تتعدى للمدلول.
قد يقال: إنك
تتصور جهةً وتضع له تعالى، لكننا نقول لو وضعت لهذه الجهة فقد يكون الوضع خاطئًا
بالنسبة للكل، ولا تكون موافقةً الواقع.
لا توجد صفةٌ إلا
أن تكون عارضةً أي خارجةً عن الذات، والأوصاف هي التي يتشخص بها الموجود الخارجي،
فإذا أردتُ أن أصف وأحدِّد العارض فلا بدَّ أن أرى مساحة المعروض، كعروض الطول على
روح الإنسان مثلا، ولا بدَّ أن تؤدي الصفة حق الموصوف، ولكن هذا ممتنعٌ عند الحديث
عن الله تعالى، فكلما تصورت شيئًا فهو أعظم منه، فكيف أصفه؟
"ما قَدَرُوا
الله" في الآية مبنيٌ للمعلوم، والفاعل هم الناس، وهي تفسر ما أراده الإمام
(عليه السلام)، وهو ما قلناه من أن النهي عن أن تصفوا أنتم.
تنبيه:
نحن ندرس هذا
الكتاب لضبط العلوم الأخرى، كعلم الكلام وغيره، يقولون -مثلًا- أن الاشتراك في
الوجود بين الله تعالى والمخلوقات معنوي، لكننا نقول هو لفظي، وهذا استفدناه من
الروايات، فهذا الكتاب نريد أن ننظم منه عِلما.
]١١٢[
الرواية التاسعة: وعن عدَّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمَّد بن خالد، عن بعض
أصحابه، عن الحسين بن مياح، عن أبيه، قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
مَنْ نظرَ في الله كيف هو هَلَك.
يهلك الإنسان لو
نظر هذه النظرة، لأن تفكيره قائمٌ على التصور والمقارنة والقياس، فلو نظرتَ في
حقيقة الله ماذا ستتصور؟ وكل ما تتصوره هو بخلافه.. فيحصل الاصطدام بهذه النقطة
دائما.
نرى الناس تسأل:
ماذا كان يفعل الله قبل الخلق؟
وجوابه أن هذا
السؤال غير صحيحٍ لأنه قائمٌ على الزمان والمكان وهما مخلوقان، فنُمسك عن الكلام
عند هذا الحد. ولا يقال: الله غير موجود لهذا، وذلك أننا فرغنا من إثبات وجود
الله، لكننا عقلًا ينبغي أن نُمسك عند هذا الحد.
قاعدة:
كل ما لا يكون فيه
مجالٌ للمقايسة والممايزة ينبغي أن نسكت عنه، فهو ليس مجال معرفة الإنسان.
]١١٣[
الرواية العاشرة: وعنهم، عن أحمد بن محمَّد بن خالد، عن محمَّد بن عبد الحميد، عن
العلاء بن رزين، عن محمَّد بن مسلم، عن أبي جعفرٍ (عليه السلام)، قال: إيَّاكُم
والتفكُّر في الله، ولكن إذا أردتم أنْ تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه.
إننا اليوم -مع الأسف- إذا رأينا شيئًا عظيمًا من خلقه لا نقول سبحان الله أو نصلي على محمَّدٍ وآل محمَّدٍ أو ما شابه، فقد استبدلناها بكلماتٍ مستوردةٍ من هنا وهناك كما تعلمون..
تعليقات
إرسال تعليق