الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثاني والستون


تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال الثاني والستون:

 

الروايات القادمة من السابعة إلى العاشرة تكاد تكون بلسان واحد.

 

]١١٠[ الرواية السابعة: وعن محمَّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفُضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنَّ الله لا يُوصف، وكيف يُوصف وقد قال في كتابه: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ]الأنعام ٩١[، فلا يُوصف بِقَدْرٍ إلا كان أعظمَ من ذلك.

 

تريد أن تصفَ الله تعالى، وكلما وصفت فهو أعظم، فالله سبحانه وتعالى لا يوصف، وهذا نفيٌ لإمكان الوصف، فهل يُفهم منه النهي عن وصفه؟ نعم، يفهم النهي عن الوصف، إلا بما وصف به نفسه كما قالت الروايات، وإن لم يُفهم منها النهي فالوصف مع هذا البيان يكون لغوا، ولا داعيَ ولا مُوجِب له؛ فإنك تصف الشيء لأنك تريد بيان جانبٍ من جوانبه، والإمام (عليه السلام) يقول أنك لا تتمكن لأنه أعظم من ذلك.

يحتمل البعض أن موضوع الرواية هو قَدْر الوصف، فنقول: نفي القَدْر هنا نفيٌ للوصف منكم، فمهما كان القَدْرُ كان الوصف منفي، فموضوع الرواية هنا هو الوصف لا قدر الوصف.

الرواية تنهى الإنسان عن أن يصف الله تعالى بغير ما وصف هو نفسه به، ودليله من الآية التي أوردها الإمام (عليه السلام)، فالفاعل في (قَدَرُوا) هو الإنسان، فلا يوصف منكم أنتم. والنهي ليس عن طبيعي الوصف، وإلا كان لا يصح أن يوصف حتى منه تعالى.

 

ما معنى التوقيف؟

التوقيف هو الأخذ بالدال دون النظر إلى المدلول، ففي بعض الحالات تذكر الدال وتريد به تمام المدلول، وأما في التوقيف علاقتك تكون بالدال دون المدلول، فشغلي يكون في مثل صفة العالمية -مثلا- مع (العالِم) كدالٍّ لا مع المدلول التام له.

 

سؤال: إذا وصف الله تعالى نفسه، هل نتمكن من معرفة مقدار هذه الصفة؟

جوابه: أنت لستَ بمكلَّفٍ بتمام مدلول الصفة، لأنه غير مقدورٍ لك.

 

المحذور في أن تصف الله تعالى يترتب على عدم إمكان تصوره تعالى، فعند الوصف أنت تحتاج لتصور الموصوف ثم تصفه، وهذا مما نفيده من مبحث الوضع في أصول الفقه، لأن الوصف وضع، وفيه تحتاج أن تتصور الموصوف والصفة، وتصور الموصوف بتمامه هنا ممتنع.

 

]١١١[ الرواية الثامنة: وعن علي بن محمَّد، عن سهل بن زياد، أو عن غيره، عن محمَّد بن سُليمان، عن علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنَّ الله عظيمٌ رفيع، لا يَقدِرُ العباد على صِفته ولا يبلغون كُنه عظمته ...، الحديث.

 

الترديد في قوله (أو عن غيره) قد يؤدي للإرسال فيكون الحديث ضعيفًا من جهة السند.

هذه الرواية مؤيدةٌ لما مرَّ في الرواية السابقة.

نقول هناك خالق، لكن إذا سرتَ خطوةً زائدةً بعد (هناك خالق) ضَلَلْتَ وأَضللت، فإذا جاء شخصٌ وادَّعى أنه مبعوثٌ من الخالق، نقول هذا ما كنا نبحث عنه، فنطلب منه أن يثبت ذلك، وإذا ثبت ذلك أخذنا منه، وهو الحال مع الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم)، فنأخذ منهم أوصاف الله وأسمائه والمعارف التي نحتاجها ونبحث عنها.

إن سرتُ في طريق المعرفة بنفسي دون الرجوع لهذا الذي له علاقة مع الخالق أفسدت.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون