المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٩

من هنا وهناك (٥٧) أينَ هي قيمةُ العلم؟!

صورة
من هنا وهناك (٥٧) أينَ هي قيمةُ العلم؟! عندما يصل أبناؤنا إلى سنٍّ معينةٍ ندفعهم نحو رياض الأطفال والمدارس (لطلب العلم)، وطلب العلم أمرٌ مطلوبٌ في ذاته بلا إشكال، بل هو من أشرف ما يتميز به الإنسان في هذه الحياة، لكن المشكلة أننا نرسلهم -في الأعم الأغلب- من أجل الشهادة لا من أجل نفس العلم، فيتحول العلم من غايةٍ إلى طريقٍ لنيل الشهادة وتحصيل الوظيفة!! لا مانع من أن يستفيد الفرد من علمه في الحصول على الوظيفة المناسبة، بل عندما يكون ذا كفاءةٍ فهو أحق من غيره حينئذ، لكن الكفاءة لا تحققها الشهادة فقط، فالفرق كبيرٌ جدًا بين من تعلَّم وجاءت الشهادة تبعًا لعلمه، وبين من تعلم من أجل الشهادة ولم يكسب علما.. المطلوب أن نرسل أبناءنا ليتعلموا، لا أن نربط التعلم بالشهادة والوظيفة، فالعلم هو المطلوب بالذات أما غير ذلك فيأتي تبعا، وفي الكثير من الأحيان لا يأتي، فكثيرًا ما يحصل بعض الطلبة على شهاداتٍ عاليةٍ لكنهم لا يحصلون على الوظيفة المناسبة، وقد يكون بعض الأفراد غير متعلمين لكنهم يملكون مشاريعهم الخاصة ومدخولًا ماليًا كبيرا.. من أكبر أخطار هذا التفكير وهذه النظرة أنها تجعل العلم

من أبعادِ شخصية السفير

صورة
من أبعادِ شخصية السفير تميَّزت فترة الغيبة الصغرى بوجود أربعة سفراء للإمام المنتظر عجَّل الله فرجه بالإضافة لغيرهم من الوكلاء في الأمصار، وهذا ما نفتقده في الغيبة الكبرى، ومن أهم مهام السفراء الحفاظ على سرِّ الإمام المنتظر عليه السلام من جهة، وأن يكونوا الواسطة بينه وبين شيعته من جهةٍ أخرى، وذلك استلزم صفاتٍ خاصةً ينبغي للسفير أن يتحلى بها، من أهمها صلابة الإيمان، والتسليم المطلق للإمام، والأمانة، والعلم بمستوى من المستويات، ولخطورة هذا الدور تصدى الإمامان الهادي والعسكري عليهما السلام لبيان جلالة قدر السفير الأول عثمانَ بن سعيدٍ العَمْري في زمنهما في أكثر من موقفٍ ومقام، وكذلك تمَّت الإشارة للسفير الثاني وهو ابنه محمد، كما أن السفير الأول كان وكيلًا للإمام الهادي عليه السلام واستمرت وكالته عنهم عليهم السلام حتى وفاته في السنوات الأولى للغيبة الصغرى، وبذلك كانت الانطلاقة صافيةً نقيةً موثوقة، حتى تترسَّخ المسألة في أذهان الشيعة ويتيقنوا من صدق ما يدعيه السفراء رضوان الله تعالى عليهم. وقد اتخذ السفير الثاني منهجًا مشابهًا للتأكيد على أفضلية السفير الثالث وتهيئة الناس لاستقبا

قصصٌ من البحرين (٧) ملجأ الموالين

صورة
قصصٌ من البحرين (٧) ملجأ الموالين امتازتْ البحرين منذ فجر الإسلام بأنها كانت ملجأً آمنًا للموالين لآل البيت عليهم السلام وللعلويين، ولهذا في التاريخ الكثير من الإشارات، وهنا أنقلُ كلامَ صاحب أنوار البدرين رحمه الله تعالى: "وفي القطيف والبحرين عيونٌ كثيرة عظيمة مدفونة، وينسبون دفنها إلى مروان أو ابنه عبد الملك كما في هذه الحكاية، والظاهر والله العالم أنّ ذلك هو مروان بن محمد الحمار، هو آخر ملوك بني أمية من بني مروان أو غيره من ملوك الأمويين، لعدم انقياد أهل البحرين إليهم كما ينبغي، وقتالهم لهم في بعض الأحيان، لخلوص تشيعهم وعدم رضاهم لأمارتهم، فأرسل لهم ذلك الظالم الجيوش والجنود فصار هو مذكورا، ولانحياز كثيرٍ من العلويين في زمن الأمويين والعباسيين إلى بلاد البحرين، لبعدها عن ديارِ الظالمين وموالاتهم لمولانا أمير المؤمنين وآله المعصومين سلام الله عليهم أجمعين، وربما طلبَهُم أو بعضَهُم بعضُ الظالمين الغاصبين لحقوقهم والمعتدين، ولهذا فيها من السادة الأنجبين العلويين الموسويين ممَّن هو صحيح النسب جمعٌ كثيرٌ وجمٌّ غفيرٌ أكثر من بلدان المؤمنين، بل في الزمن المتقدم أغلبُهم رؤ

قصصٌ من البحرين (٦) إيمانُ أهل البحرين

صورة
قصصٌ من البحرين (٦) إيمانُ أهل البحرين يَكثر الحديث عن إيمان أهلِ البحرين ووَرَعهم وتقواهم في الأزمان الغابرة، حتى أن الالتزام بالمستحبات كان من السّمات البارزة بينهم، ومن ذلك ما ينقُله الشيخ البلادي البحراني -قدس سره- في أنوار البدرين، قال: "حدَّثني بعض الصالحين الثقات من أهل البحرين عن سلفهم الأقدمين أنه كان في الزمن القديم في البحرين أن الرجل من أهل السوق والتجار يكون عنده العبد المملوك، فيراه ليلةً من الليالي ربما غفلَ عن صلاة الليل لنومٍ أو غفلة، فيُصبح ويأمر الدلال أن يبيعه، فيقول له جيرانه من أهل السوق: لِمَ تبيع مولاك ولم ترَ منه إلا الصلاح والطاعة؟ فيقول لهم مولاه: أنه البارحة لم يصلِّ صلاة الليل، وأخافُ أن تكون له عادة، فربّما يقتدي به بعض العيال فلا يصلي صلاة الليل. فإذا سمعوا ذلك منه صار عندهم عيبًا فيأمرون بإخراجه من البحرين، وبيعه في غيرها من البلدان". [أنوار البدرين: ص٥٢]. أقولُ أن في هذه القصة الكثير من المواعظ، ولو أردتُ بيانها لطال المقام وخرجتُ عن المراد، ولكنْ انظرْ كم كانوا يَحذرون من دخول العادات السلبية عن طريقِ الغرباء، وكم نتساهل ونس

جِئتكَ

صورة
جِئتكَ شعَّ نورٌ فاحتوى كل خِباء، لا تواريه شموسٌ أو شعاعٌ من سماء، قلب الليل نهارًا والزمان في استواء، هل أتى حينٌ من الدهر خلاءً من سليل الأنبياء؟ هو كالشمس إذا ما أشرقت خلف السحاب، ما لكم؟ ما تنظرون؟ هل لخير الخلق يزدانُ الغياب؟ قلت: كلَّا لا يغيب، بل عقولٌ ثمِلتْ فغدا الكون غياب.. ساخت الأرض إذا قد رحل، هو حبلٌ بالسماء اتصل، وابن طه خير أصلٍ أُصِّل، هل لبدرٍ مثل هذا قال قومٌ أفل؟! زبدٌ يهجو المحيط!! أتراه من غُثاءٍ صار يخشى البلل؟! جئت الروح إليكم في حنين، يا ابن طه وابن فاطم وأميرِ المؤمنين، غالني الشوق إليكم وعلا مني الأنين، ومضت كل السنين، وأنا في عمق طوفانٍ أنادي: يا ابن خير العالمين، للنجاة أنتم خير سفين.. جئت والصحب إليك نشتكي، وجع البعد وطغيان الشقي، مُلئت ظلمًا وجورًا وسُقي كأس مرٍّ كل عبَّادٍ تقي، ومضى الطاغي بنعلٍ يرتقي، جسد الدين فمن منه يقي، غير من كان حفيدًا لحسينٍ وبقي؟ جئتكَ والقلب مني في أُوام، ليس يهوى أبدًا دنيا الظلام، بات فيكم في ودادٍ وهيام، يرتجي القرب قُبيل الاصطلام، وخلودًا بالجنان حين يُدعى بالقيام، يوم يُدعى كل قومٍ بإمام، وأن

قصصٌ من البحرين (٥) كلُّهم مجتهدون!!

صورة
قصصٌ من البحرين (٥) كلُّهم مجتهدون!! ممّا يتعجّب منه منْ يتدبر ويتفكر في الأحوال، ما ينقله الشيخ البلادي البحراني في أنوار البدرين، فكيف اجتمعوا؟ وكم كان عدد العلماء الفضلاء في هذا البلد؟ قال: "وحدَّثني بعض الصادقين من الإخوان، عن جدي لأبي المرحوم الشيخ علي ابن المقدس الشيخ سليمان، أن بيتنا في البلاد القديم اجتمع فيه في عصرٍ من الأعصار خمسةٌ وأربعون عالمًا مجتهدًا ومشارفًا للاجتهاد، دون الطلبة من أولادهم، وكانوا أصحاب نِعمٍ جسيمة". [أنوار البدرين/ ص٥٠]. وإن كان الأمر عجيبًا فدونك ما هو أعجب وأغرب: "وذكر العالم الجليل الرباني الشيخ علي ابن العلامة المحدث الشيخ محمد شارحُ كتاب (الوسائل) المقابي البحراني -الذي يأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالى- على ترجمتها في بعض مصنفاته، والظاهر أنه هو الترجيحيّة أي تراجيح الأدلة، وهو كتابٌ حسنٌ كبير، وكان يبحث مع بعض معاصريه في مسألةٍ وينسبه فيها إلى قلة الإنصاف، قال رحمه الله نقلا لكلامه بالمعنى: قد كان العلماء السابقون من بلادنا البحرين في غايةٍ من الإنصاف والتقوى والإعراض عن الدنيا، وقد اتفق أن فاتحةً أقيمت لبعض أشخاص

قصصٌ من البحرين (٤) في فضلِ البحرين

صورة
قصَصٌ من البحرين (٤) في فضلِ البحرين في الحديث عن فضلِ البحرين [أوال وهَجَر والخُط] أنقل بعض ما ذكرَه العالم الربّاني الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني، في كتابه الجليل: (أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين). ومنه: "وأمّا فضلها على كثيرٍ من غيرها فقد حدّثني أقدم مشائخي العلامة الثقة الثَّبت الحفظة الوالد الروحاني التّقي الصالح الشيخ أحمد بن الشيخ صالح البحراني قدّس الله نفسه ونوَّر رَمسه وأسنده، أنه لما أمر الله رسولَه محمدًا المصطفى (ص) بالهجرة من مكة بعد موت عمّه وكافله سيد البطحاء بيضة البلد أبي طالب، وتظاهر المشركين عليه، نزل عليه الأمين جبرئيل (ع) من الربِّ الجليل وخيّره في الهجرة إلى البحرين أو فلسطين أو المدينة، فترك صلى الله عليه وآله البحرين من أجل البحر، وترك فلسطين لبعدها، واختار المدينة لقربها من مكة، انتهى كلامه علا في الفردوس مقامه. قلتُ ثمّ بعد مدّة مديدة وقفت على خبرٍ رواه العلامة الثاني الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني، في المجلد الثاني من كتابه أزهار الرياض، والظاهر أنه عن الإمام الصادع بالحق والناطق جعفر بن محم

قصصٌ من البحرين (٢) ورعُ الشيخ سليمان

صورة
قصصٌ من البحرين (٢) ورعُ الشيخ سليمان أوردَ صاحبُ الحدائق قدس سره في أحوال الشيخ سليمان بن صالح الدرازي البحراني بإجازته الموسومة بلؤلؤة البحرين [ص٨٤] ما يلي: "حكى لي والدي -رحمه الله- إنه إذا كان وقتُ الغوص وأتت سفن أهل تلك القرية من الغوص مضى الشيخ [سليمان] واشترى جميع ما أتوا به من اللؤلؤ والأقمشة، وكان تجّار بلاد البحرين الذين يشترون اللؤلؤ يقصدون بيت الشيخ المزبور، وحيثُ إن أهل القرية لا يبيعون على أحدٍ غير الشيخ فكان الشيخ -رحمه الله- يبيع ذلك عليهم بالمُرابحة ويقسمه بينهم بحيث لا يرجع أحد خائبا". ويَذكر من عجيب أمره وورعه وتقواه ما يلي: "ومن عجائب الزمان ما حكاه لي والدي أيضًا أنه كان رجلٌ من قرية بني جمرة -وهي قرب قرية الدراز- قد باع على الشيخ [سليمان] المذكور لؤلؤةً كبيرةً مجهولةً بقيمةٍ قليلة واتفق أن الشيخ أعطاها من أصلحها فصارت جيدةً فباعها بما يقرب من خمسين تومانًا فلما جاء البائع من الغوص قال له الشيخ: (إن تلك اللؤلؤة التي اشتريناها منك قد بيعت بهذه القيمة الزائدة وأنا إنما أخذتها منك بشيءٍ قليل فأنا آخذ رأس مالي من هذا الثمن والباقي ل

من هنا وهناك (٥٦) بلْ هي حماقة!!

صورة
من هنا وهناك (٥٦) بل هي حماقة!! يتفاخر بعض المؤمنين بأنه صريحٌ لا يجامل ولا يداري إخوته من المؤمنين، ويقول ما في قلبي على لساني، لكن فلنَعرض هذا على كلام المعصومين الذي هو الحق دون شكٍّ أو ريب. عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "لِسانُ العاقلِ وَراءَ قَلْبِه وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَراءَ لِسانِه"[نهج البلاغة]. من هذه الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام نعرف أن إطلاق اللسان وتقديمه على القلب مذموم، وهو حمق، أما تقديم القلب على اللسان فهو من العقل، وما ذكرناه في بداية الكلام إنما يندرج تحت تقديم اللسان على القلب، فإن المؤمن ينبغي له أن يقلِّب الأمور بعقله جيدًا ثم يقرر إن كان السكوت أفضل أو الكلام، ثم يختار الألفاظ المناسبة للمقام، فإذا قدم قلبه صار عاقلا. ما في قلبي على لساني كلمةٌ يُطلقها البعض بفخرٍ وكأنها أمرٌ ممدوحٌ ينبغي فعله، لكنها للأسف معضلةٌ عظيمةٌ كم كسرت من القلوب وجرحت، لذلك ينبغي الالتفات لهذه المسألة جيدا، والعمل بالوسطية بعد تحكيم العقل، فإن كانت الصراحة مطلوبةً فهي، وإلا فالمداراة التي كثرت الروايات فيها، خصوصًا عندما يكون الطرف الآخر مؤمنا

قصصٌ من البحرين (١) رؤيا والدِ الشيخ البهائي

صورة
قصص من البحرين (١) رؤيا والدِ الشيخ البهائي أعوذ بالله السّميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على خير المرسلين، وآله الهداة الميامين.. أسعى بإذن الله تعالى لطرحِ سلسلةٍ من القصص المتنوعة عن بلادنا البحرين، وذلك اعتمادًا على بعض الكتب المعتبرة ككتاب لؤلؤة البحرين للشيخ يوسف البحراني قدّس الله نفسه، وكتاب أنوار البدرين للشيخ علي البلادي البحراني رضوان الله تعالى عليه، وغيرهما من الكتب بالقدر المستطاع، ولا يخفى ما لذلك من فوائد جمّة، وددت أن أساهم بنشرها وتحقيقها، وأسأل الله تعالى أن يوفّقني ويتقبل منّي هذا اليسير.. وفيما يلي أنقلُ القصة الأولى من كتاب لؤلؤة البحرين لشيخنا صاحب الحدائق قدّس الله نفسه [٢٦-٢٧]، وهي لوالد الشيخ البهائي الحسين ابن الشيخ عبد الصمد: "وأخبرني والدي -قدّس الله سِرّه، وبحظير القدس سَرّه- إن الشيخ المزبور [والد الشيخ البهائي] كان في مكة المشرفة قاصدًا الجوار فيها إلى أن يموت، وإنه رأى في المنام أن القيامةَ قد قامت وجاء الأمر من الله سبحانه وتعالى برفع أرض البحرين وما فيها

الإمام الحسين عليه السلام وخصوصية الولادة

صورة
الإمام الحسين عليه السلام وخصوصية الولادة 1 تميَّز الإمام الحسين عليه السلام عن غيره من الشخصيات العظيمة ببعض الخصائص والمميزات، فهو خامس أصحاب الكساء صلوات الله عليهم أي أنه آخرهم، فكان ختام مرحلةٍ وبداية مرحلةٍ أخرى، ونجد أن الإمامة استمرت في وِلده حتى وصلت للإمام المنتظر عجَّل الله فرجه، كذلك نجد واقعة كربلاء وطريقة استشهاده البشعة المؤلمة وكيف أنها صارت محورًا للدين كله بل للحياة كلها، كذلك نجد التأكيد من الرسول ثم الأئمة صلوات الله عليهم على فضل زيارته والدعاء تحت قبته والشفاء في تربته، بل وجعل بعض الأحكام الشرعية الخاصة عندما يتعلق الأمر بما يرتبط به عليه السلام، ومن أمثلة ذلك: 1-     جواز أكل مقدارٍ معينٍ من تربته بل وجعل الشفاء فيها، في مقابل حرمة أكل التراب مطلقا. 2-     رفع حكم التقية عندما يتعلق الأمر بزيارته بأمر الأئمة عليهم السلام عندما مُنع الشيعة من الزيارة إلا بشروطٍ قاسيةٍ تصل حدَّ القتل. 3-     خرق الحجب السبعة عند الصلاة على تربته دون غيرها. وغير ذلك من الأمور التي لا يسع المجال للحديث عنها في هذا المقام. التبشير بولادته عليه السلام بطريقة خاصة

من هنا وهناك (٥٤) رُخَصُ الشارع ورفع الأثر

صورة
من هنا وهناك (٥٤) رُخصُ الشارع ورفع الأثر تتنوع آثار أعمال العباد بين كونها تكوينيةً أو روحيةً أو غير ذلك، ومنها ما يكون سلبيًا عند مخالفة ما يريد الشرع، لكنه رخَّص في بعض الأعمال المخالفة لأصل إرادته لبعض الأسباب، منها عدم العلم ومنها الاضطرار للفعل دون وجود حلولٍ أخرى للمكلَّف، فهل يتحقق الأثر مع ذلك أم لا؟ لا يمكن أن يتحقَّق الأثر المجعول من الشارع لأي عملٍ عندما يرخص فيه، فهو ظلم، والظلم قبيحٌ لا يصدر من الله العادل الحكيم عزَّ وجل، فلو رتَّب الله تعالى ظلمةَ القلب على فعلٍ مَّا ثم رخص في فعله، فلا مجال للقول بأن هذا الأثر لا بد وأن يتحقق، وذلك لأنه ظلمٌ كما قلنا أولا، ولأنه جعلٌ من الشارع له أن يرفعه متى شاء ثانيا. فلو كان إنسانٌ على مشارف الموت ولم يجد أمامه شيئًا يأكله سوى الميتة يباح له منها ما يحفظ به نفسه ولا يترتب الأثر المجعول عليه، ولو أكل لحمًا من سوق المسلمين وفق القاعدة الشرعية فلا يترتب الأثر كذلك. هذا وغيره مما أرخص الله لعباده فيه يرفع الله أثره المجعول كما قلنا، ولا يمكن مقارنته بالأثر التكويني لإحراق النار أو فاعلية السُّم للقتل، فهذا أمرٌ آخر عل