الفصولا لمهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الخامس والخمسون


 

تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال الخامس والخمسون:

 

تتمَّة لما مر:

تحقق التركيب في الواقع الخارجي لأول مرة، وإطلاق الأسماء على هذه المركبات فيما بعد، لماذا حدث؟ وهل هي في حقيقتها -في أصلها الأصيل- مركَّبة أم لا؟

في الواقع هذه الأشياء موجودةٌ علميًا ولا ضرورة على الإطلاق لوجودها، ولكن مادتها موجودة، وتعطى عناوين قبيل التركيب، كالصلابة -مثلًا- فهي موجودةٌ وجودًا علميًا قبل وجودها الخارجي، فالوجود العلمي هو الوجود الأصلي.

الأفكار الموجودة في الذهن البشري وهذا الوجود العلمي بذهنه ينتقل لتركيبه بالخارج، والمواد التي تتركَّب منها الأشياء موجودةٌ في الخارج، وهو من أهم الفوارق بين الإنسان والله تعالى، لأن الله تعالى يوجِد هذه المواد التي تشغل حيزًا من الفراغ من العدم، وكل جزءٍ يركِّبه للمركَّب يميزه من جهةٍ عن غيره، وسلطة الإنسان بطبيعة الحال على المواد ليست تامة، واجتماع الأجزاء يجعل الموجود موجودا، وما تركَّب منه هذا الموجود هي موادٌ موجودةٌ في الخارج كما مر، وهذا الموجود المركَّب له واقعٌ بسيطٌ في وجوده العلمي الذي فوق عالم الإدراك، فكلامنا يكون فوق ما يحتاج الإنسان إلى إدراكه، لا ما لا يستطيع إدراكه.

هذا الموجود العلمي الأصيل عندما نزل لنشأةٍ أقل لا يظهر إلا بعد تركيبه، فأقول أن له لونًا وكثافةً ورائحةً وما شابه؛ أي أنني أبدأ في محاولة التحليل والفهم؛ أي أنني أحاول الوصول للحقيقة العلمية لهذا الموجود.

هذه الحقائق متمايزةٌ بينها في تلك النشأة بما يناسب مقتضيات تلك النشأة، وقد كانت شيئًا واحدًا فكلها علم، ولما نتنزل لنشأتنا هنا تتخذ هذه الحقائق صورًا تُظهرها، وفي كل نشأةٍ -أو طورٍ- داخل النشأة التي نحن فيها تتخذ الهيئة المناسبة التي تُظهرها، ومن هنا جاءت نظرية وحدة الوجود، ولا يقصدون بها أن هذه الموجودات الخارجية واحد، كأن أكون أنا وأنت واحد.

والحال كما مرَّ تصاعدًا إلى أن نصل إلى علم رب العالمين، فنقول هو لا يحتاج للممايزة بين شيءٍ وآخر، لأن هذه الممايزة  من شؤون الفقير المحتاج، وعندما ظهرتَ إلى الخارج اقتضت النشأة الأولى أن تكون بهذه الكيفية، والنشأة الثانية بكيفيةٍ أخرى، وهكذا من نشأةٍ إلى أخرى، إلى أن ينتقل الإنسان إلى التراب. ومن هنا نشأت شبهة الآكل والمأكول الركيكة.

 

ملاحظة:

الوجود العلمي لا نقصد به الذي في ذهن الإنسان، بل الوجود العلمي الذي في تلك النشأة.

 

بعد المقدمة السابقة ننتقل للرواية: وهي تقول أن الأسماء والصفات مخلوقة، وهذا اتضح الآن لأنه لا يوجد في الأصل صفاتٌ وأسماء، فوجود الرازقية والخالقية إنما هي لبيان أمرٍ مَّا يحتاجه الإنسان، وخلق هذه الأسماء والصفات إنما هو للإنسان، فلما كان الله ولا شيء معه هل نقول له خالقٌ أو رازق؟ نقول: نعم، يقال خالقٌ ولم يَخلق بعد، ورازقٌ ولم يَرزق، هذا الجواب يناسب هذه النشأة، لكن إذا ترقَّينا إلى نشأةٍ أعلى بماذا نجيب؟ نقول لا يأتي السؤال عن الرازقية والخالقية، ولا موجب له.

قال (عليه السلام): "والمعاني والمعنيُّ بها هو الله". المعاني هي العلم، والأسماء والصفات يظهر من خلالها العلم فهي للتمييز، ومن خلال الأسماء والصفات نتدرَّج إلى أن نصلَ إلى القديم.

أمَّا (الاختلاف والائتلاف) فلا يناسب أن يقال في حق الله تعالى مثل اسمًا ومسمًّى أو صفةً وموصوفا.

نلاحظ أن الإمام (عليه السلام) ينفي العوارض (المقولات التسع) عنه تعالى فلا يبقى إلا القديم كما قرَّره (عليه السلام) في الرواية، والقِدم غير مذكورٍ في العوارض لأنه لا يتعلق بهذه النشأة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون