الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثاني والثلاثون
تقريراتٌ مختصرةٌ
لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول
المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:
المقال الثاني والثلاثون:
[٤٥] الرواية الرابعة: وعن محمَّد بن يحيى، عن محمَّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن
هشام بن سالم، عن محمَّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول:
كان الله ولا شيء غيره، ولم يزل عالمًا بما يكون فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد
كونه.
كيف علم الإمام
(عليه السلام) أنه: "كان الله ولا شيء غيره"؟ ويمكن أن نجيب على
هذا السؤال بطريقين:
الأول: نسلِّم
للإمام (عليه السلام) وانتهى الأمر.
الثاني: نقول أنه
عرف عن طريق الإعمال العقلي، كما نرجع للدور والتسلسل وغير ذلك من البراهين.
س: هل يفيد هذا
الفعل من الإمام (عليه السلام) السماح لغير المعصوم بإجراء الاستدلالات العقلية أم
أنه خاصٌّ بالمعصوم؟
نتوقف عن الجواب،
ونسأل سؤالًا آخر: ماذا نقصد بالإعمال العقلي؟ فنجيب المقصود هو البرهان. ثم نسأل:
هل نتكلم فيما لم ينكشف لنا مع قول الإمام (عليه السلام) في موضعٍ آخر اسكتوا عما
سكتنا عنه؟
نجيب على هذا لاحقًا.
أما الشطر الثاني
من الرواية فقد مرَّ بيانه في مواضع سابقة.
[٤٦] الرواية الخامسة: وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن محمَّد بن عيسى، عن أيوب بن نوح،
أنه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الله عزَّ وجل، كان يعلم الأشياء
قبل أن خلق الأشياء وكوَّنها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم
ما خلق عندما خلق، وما كوَّن عندما كوَّن؟ فوقَّع (عليه السلام) بخطه: لم يزل الله
عالمًا بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعدما خلق الأشياء.
سعد بن عبد الله:
مشتركٌ بين عدَّة رجال، لكن الذي يروي عنه محمَّد بن يحيى ويروي عن محمَّد بن عيسى
ثقةٌ من شيوخ الطائفة.
كلامنا في سؤال
أيوب، وهو من الأصحاب الأجلاء. فسؤاله كان في مسألةٍ خطيرة، فالسؤال عن مثل هذه
القضايا جائزٌ لكنه يوجَّه إلى أهله، ونلاحظ أن الإمام (عليه السلام) أجاب بتوقيعٍ
وليس بجوابٍ عام.
أما جوابه (عليه
السلام) فقد حصر أيوب في دائرةٍ معينةٍ من التفكير بإثبات أحد الاحتمالات ونفي
الآخر، فالجواب محكمٌ لكنه غير مفصل، فلو كتب أحدٌ في هذه الدائرة فإنه لا يضل.
فائدة مهمة:
توجد لدينا نصوصٌ
قرآنيةٌ وأخرى عتروية، وعندنا علوم اللغة والأصول والمنطق وغيرها، فكيف يمكن أن
نتكامل من خلال هذه العلوم؟
المشكلة أنك لا
تتمكن من المناقشة عادة لو قرأ كل واحدٍ النصوص بلغته فقط، فصاحب اللغة ينظر للنص
من جهة اللغة لا غير، وصاحب الفلسفة ينظر من خلال الفلسفة لا غير، وهكذا في كل
مجال، فلا يتمكن من النقاش إلا أصحاب نفس المجال العلمي مع بعضهم في هذه الحالة.
النصوص تعرض للبشر
لا لغير العاقل، والعاقل يمكنه أن يفهم النص دون الرجوع إلى نصوصٍ أخرى أو علومٍ
أخرى، ثم يرجع بعد أن يقرر ما فهمه أولًا إلى ما يحتاج من العلوم والنصوص، ومع عدم
الرفض المطلق للرجوع للعلوم قطعًا نقول أن هذا الرجوع دوره تقويم الفهم أو تقويته
أو ما شابه من فوائد، لا أنه يصادر فهم العاقل مصادرةً تامةً ويلغيه.
نحن ندرس هذه العلوم لتقويم أفهامنا لا لتحكيمها على عقولنا.
تعليقات
إرسال تعليق