الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الحادي والثلاثون


تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:

 

المقال الحادي والثلاثون:

 

أبواب الكلِّيات المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب١٢ - أنَّ كلَّ ما سوى الله سبحانه فهو مخلوقٌ حادثٌ مسبوقٌ بالعدم:

 

]٤٢[ الرواية الأولى: محمَّد بن يعقوب، عن عدَّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمَّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعيَن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنَّ الله خِلوٌ من خلقه، وخلقه خِلوٌ منه، وكل ما وقع عليه اسم شيءٍ ما خلا الله فهو مخلوق، والله خالق كل شيءٍ تبارك الله الذي ليس كمثله شيءٌ وهو السميع العليم.

 

قوله (عليه السلام): "خلوٌ من خلقه" نفيٌ للاتحاد، وقوله: "خلقه خلوٌ منه" نفيٌ للحلول، فالرجوع بالتالي إلى عدم المجانسة والمسانخة، والأعم منهما لعدم المشابهة بين الخالق والمخلوق.

القاعدة: كل ما سوى الله مخلوق. وهو ما عنونَ به الحرُّ العاملي (رحمه الله) الباب.

س: هل يمكن للإنسان أن يخلق؟

ج: فلنقلْ أنه يستطيع أن يخلق لكن ذلك يقع في حدود السقف الذي جعله الله تعالى، ولكن الأفضل أن نستعمل لفظًا غير كلمة (خلق)، بالبناء على أن الخلق إنما هو الإيجاد بعد العدم، وغاية ما يقوم به الإنسان هو تركيبٌ وجمعٌ لمخلوقاتٍ موجودةٍ تشكِّل موادَّ ما ينتهي إليه ويدَّعي خلقه، لكنه كما هو واضحٌ ليس إيجادًا من العدم.

 

]٤٣[ الرواية الثانية: وعن علي بن إبراهيم، عن محمَّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغراء، رفعه، عن أبي جعفرٍ (عليه السلام)، قال: إنَّ الله خِلوٌ من خلقه، وخلقه خِلوٌ منه، وكلما وقع عليه اسم شيءٍ فهو مخلوق، ما خلا الله.

 

هو حديثٌ آخر على لسان إمامٍ آخر وهو الإمام الباقر (عليه السلام)، وهو كالحديث السابق تماما.

أما في الرَّفع فقد مرَّ الكلام مرارا، وقلنا أنه قد يكون أقوى من السند المتصل أحيانًا بالنظر إلى حال الرافع.

 

]٤٤[ الرواية الثالثة: وعنه، عن محمَّد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لم يزلِ الله ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصَر، والقدرة ذاته ولا مقدور، فلمَّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المُبصَر، والقدرة على المقدور، الحديث.

 

من أبسط وأعقد الإشكالات في ذات الوقت لجهاتٍ مختلفةٍ قياس الله على الإنسان.

فنقول الله تعالى عالمٌ بهذا الخلق قبل أن يكون الخلق، أما الصفات الإلهية فهي من أجل أن نفهم نحن فقط، لا أنه شيءٌ غير الذات، فالعلوم وجزئيات العلم تصلح لعالمنا هذا وفي خصوص هذه النشأة لحاجتنا للتفريق والتمييز فنحتاج للمقارنات، ومن غير الممايزة لا نعلم بشيء، أما الله تعالى فهو مطلقٌ في كل الجهات، فإذا خلق فهو يخلق فردًا وقع عليه عِلمُه سبحانه فيصير معلومًا لله بوقوع علم الله عليه لا أن الله لم يكن عالمًا فعلم.

ماذا أراد من قوله (عليه السلام): "والعلم ذاته..."؟ في الواقع لا نستطيع أن نقول أكثر من ذلك، فهذه حدودنا، ولو حاولنا التوضيح أكثر وقعنا في ما لا ينبغي، فلو وضَّحنا الذات لصارت اثنينية بين الذات الإلهية وغيرها. أما وصفنا له بأنه (عالم) فهو راجعٌ لجهة نظرنا نحن لا لتعدُّده سبحانه، وكذا الحال في باقي الصفات.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون