مراجعة على كتاب الحُبور في القطع بالصدور
مراجعة على كتاب: الحُبور في القطع بالصدور
المؤلف: السيد محمد السيد علي العلوي
• مقدمة:
يشير المؤلف للمبنيين الرئيسيين في قبول الحديث وردَّه عند الإمامية، والأول هو القول بصحة صدور بعضها عن المعصومين إذ يرون أنّ السندَ قرينةٌ كباقي القرائن، والثاني هو القول بحاكمية السند ما لم تقم قرينةٌ على الصدور. ثم يرسم ملامح البحث وخطوطه الرئيسية، وهو أمرٌ مهمٌّ يساعد القارئ على أن يعيش البحثَ باتِّزانٍ ووضوح.
• المدخل:
البدء بالتعريف بعلم دراية الحديث وببعض الحيثيّات التي يحتاجها المؤلف في البحث، ثم تحديد المشكلة التي عُقِد من أجلها البحث وهي: هل حديث أميرِ المؤمنين (ع) -المذكور في صفحة ٢٦- مطلقٌ في كلِّ نقل، أو أنَّ المنقول عن المعصومين (ع) خارجٌ؟ وإنُ كان الثاني، فهل خروجه تخصُّصًا أو تخصيصًا؟
يطرح المؤلف بعد ذلك بعض (الاحتمالات العامّة لفلسفة الإسناد)، ويطرح عنوانًا جديدًا وهو (بينيات السند)، كما ينبِّه لأمرين مهمَّين خصوصًا مراعاة الظروف السياسيَّة والاجتماعيَّة للحقبة موضوع البحث.
• المبحث الأول: الاستدلال على حجِّية خبر الثقة بآيتي النبأ والنفر:
يذكر المؤلف دليلين من أدلَّة القائلين بحاكمية السند، وهما آية النبأ وآية النفر، ثم يطرح رؤيته الخاصة في الآيتين ليصل بعد ذلك لقصور الدليلين وخروجهما عن مقام الاستدلال على المراد.
• المبحث الثاني: الذكر وحديث الثقلين، بالبناء على نصوص الأمر بالطاعة:
يستدل الكاتب على الأمر بالطاعة بالآيات دونَ الروايات -وقد يكون لعدم التعرُّض لإشكال الاعتماد على ما لم يثبت صدوره الآن-، ثمَّ بالرواية عن الرسول بالبناء على الآيات، كما أنَّ الرواية المذكورة متواترةٌ معنًى على أقل تقدير. ويرى أنَّ عدم الضلال جزاءٌ للتمسُّك وهو الشرط في كلام رسول الله (ص)، والأمر بالتمسُّك والأخذ والاتّباع وما في حكمها فرعٌ لثبوت علم المأمور بمتعلقاتها، ولا يناسب الباري -الحكيم- تعالى الأمر بالتمسُّك بغير الثابت المعروف الواضح، وعليه يذهب لكون الأحاديث مشمولةً في الذكر ومحفوظةْ بنصِّ القرآن الكريم.
• المبحث الثالث: إشكال الوضع والدّس
يرى المصنّف أنّ الأئمة (ع) عالجوا مشكلة دسّ الأحاديث في تراثهم حتّى حُفظت الأحاديث في الأصول الأربعمائة تحت إشرافهم، ثمّ أن الله تعالى قيَّض العلماء لجمع ما في الأصول في مجاميعهم الحديثية فهي لم تضِع، ثمّ يسُوق بعض الروايات المؤيدة لما ذكره. كما أنه يرى أنّ تدوين وحفظ ومراجعة الحديث وعرضه على الأئمة (ع) كانت مسؤوليةً تحمّلها نفرٌ من خُلَّص الأصحاب. أما حالة إنكار الحديث التي نشهدها اليوم فهي حالةٌ متكرِّرةٌ كما تدل عليه بعض الروايات المذكورة في البحث (ص٥٠).
لما مرّ ذكره -وربّما لغيره أيضًا- يرى المصنّف رجوع المسألة إلى بعدٍ مولويٍّ أعلى، ومنه تأتي محورية قاعدة اللطف. ثم يبيِّن قاعدة اللطف والدليل على وجوبها، ثم يبين الملازمة المذكورة في الدليل. بعد ذلك يبيِّن المقصود من قاعدة اللطف بذكر بعض الأقوال.
التفاتةٌ: يتساءل قائلًا: كيف يتوب العبد، وكيف يستحق رحمة ربه وهو لا يدري كيف يطيعه؟
وفي تساؤلٍ آخر في طيات الكلام: يغلب الضعف من جهة الإسناد أو ظنِّيَّة الصدور على الأحاديث فماذا نفعل؟
تبيهاتٌ ثلاثة: يذكر ثلاثة تبيهاتٍ هي باختصار:
١/ ما هو العقلي من الأمور الذي يكون ميزانًا للقبول والرفض؟
٢/ للرفض والقبول عدّة بواعث من أهمها الباعث الثقافي.
٣/ إذا أُحكِم ما يُفترض أنْ يكون قاعدةً حكِّم، ولا يُنقض بالمصداق على قاعدةٍ خارجية.
توضيحٌ: يوضِّح فيه الجهة الثانية من التنبيه الثالث ثم يذكر ما يذهب إليه من قطعيَّة صدور الأحاديث ومرتكزاته الثلاثة، وعدم إمكان النقض على النتيجة بحديثٍ أو بآخر (أي بالمصداق).
• المبحث الرابع: الفائدة الثامنة من فوائد الشيخ الحرّ العاملي:
- ذكر الشيخ الحر العاملي في هذه الفائدة من فوائده جملةً من القرائن على القطع بالصدور، يرى المؤلف أنّ أغلبها تفيد عدم الردِّ إلا إذا ضمّت إلى أصل يذكره لاحقا، فتكون للاستئناس ليس إلا. والأصل هو قاعدة اللطف المثبتة في علم الكلام.
- بالرجوع للالفاتة الأولى -التي مرت عند الحديث في تنويع الحديث- عن طرق نقل الخبر، وبالبناء على ما مرَّ هناك يكون أخذ الأحاديث من الأكابر ونقلهم لها في كتبهم لا بدّ أنه كان بعناية بالصحة، وعليه فالأخذ منهم أخذ عن ثقة.
- وبذلك يكون عندنا أصلان: الأول هو وثاقة المحدث المباشر كالشيخ الكليني (قدس سره)، والثاني هو قاعدة اللطف.
• المبحث الخامس: مقدمتا الشيخ الحدائقي:
استطرد الشيخ يوسف البحراني (قدس سره) في الاستدلال على مذهب القطع بالصدور في مقدّمتين، اعتمد في النظر فيهما على بحثٍ اجتماعي معلول لظروفٍ سياسية وثقافية.
في المقدمة الأولى: نجد العديد من النقاط التي ساقها الشيخ لإثبات ما يدعيه تتمحور حول مسالة التقية وأثرها، وحول تنقية الكتب بجهود الأئمة والأصحاب، منها:
- اتخاذ الأئمة منهج التقية وحثّ الشيعة عليه.
- مخالفة الأئمة بين الأحكام حفاظًا على أنفسهم وشيعتهم.
- عدم اختصاص التقية بوجود قائل من المخالفين.
- قيام الأئمة ومخلِصي الأصحاب بتنقية كتب الأحاديث من الدسّ والوضع لمدة ثلاثة قرون تقريبا.
- خروج التوقيعات بلعن الكذابين وأهل البدع.
- تورُّع الأصحاب في نقل الحديث لفطنتهم لخطورته وأهميته.
في المقدمة الثانية: تحدّث فيها عن تنويع الحديث والصحيح عند المتقدمين، حيث قال أن الكثير من العلماء حتى من المجتهدين كالشيخ المجلسي (قدس سره) قد قطعوا بصدور الأحاديث على منهج المتقدمين، وذكر وجوها لبطلان تنويع الحديث وصحة الأخبار، لم تكن تخلوا من قوة. ثم أضاف أن الكتب الأربعة ليست الوحيدة المقطوع بصحتها -كما قد يُتوهّم- بل هناك كتبٌ أخرى كثيرة للمتقدمين غيرها مقطوع بصدور أحاديثها.
• مقدِّمة مؤخَّرة: وقد أخَّر المؤلف هذه المقدِّمة للابتعاد عن محذور المصادرة، وفيها قرّر نتيجة البحث وهي ضرورة القطع بصدور الأحاديث المجموعة من الأصول والمصادر الأولية المعتبرة وفق ثلاثة تقريرات، وهي:
١- الاختلاف من حيث الحكم والتحقيق بين الأحاديث العامة والأحاديث الخاصة، فيكون للخاص منها سيرة عقلائية خاصة تليق بظرفه وشأنه.
٢- تسجيل الملاحظات على الاستدلال بآيتي النبأ والنفر.
٣- إرجاع القول بالصدور القطعي إلى محور عقائدي توحيدي يقوم على قاعدة اللطف. وقد فصّل هذا التقرير في هذه المقدِّمة المؤخرة.
انتهى بحث الحبور في القطع بالصدور..
ملاحظة: أرقام الصفحات المذكورة في المراجعة هي بحسب كتاب المؤلف المتضمن لهذا البحث، وهو: (تحصيل الرشاد وتحصين العباد).
محمود سهلان
٢٢ ذو الحجة ١٤٣٩هـ
٢ سبتمبر ٢٠١٨م
تعليقات
إرسال تعليق