من فيوضاتِ شهر الله - ٢
من فيوضاتِ شهرِ الله - ٢
ممّا يتميزُ به شهر رمضان التواصل المنقطع النظير بينَ الأرحام وبين المؤمنين، حيثُ تكثرُ فيه مجالسُ الذكر، وتكثر فيه اجتماعاتُ الأهل على وجبات الإفطار، وتتزايد اجتماعات المؤمنين في مجالس العبادة وإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام.
هذا الأمرُ الذي لا يُنافَسُ فيه شهر رمضانَ من جهة الكمِّ والكيف يُعدُّ من أهمِّ وأفضل ما نُفيدُه من هذا الشهر المبارك، لما نحقِّق فيه من طاعاتٍ محبّبةٍ لله تعالى، ولرسوله ولأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
رُوي عن الإمامِ الصادق أنّه قالَ للفضيل بن يسار: يا فضيلُ أتجلسونَ وتتحدَّثون؟ قال: نعم جُعلتُ فداك. قال الإمامُ الصادق: إنَّ تلكَ المجالس أحبُّها. فأحيوا أمرَنا، فرحِم الله من أحيا أمرَنا.
من الشواهد على أنّنا نعمل بما في هذه الرواية المباركة، المجالسُ التي يفتتحها الأهالي مع دخول الشهر الفضيل، والتي تتضمَّن برنامجًا معيَّنًا، غالبًا ما يبدأ بقراءة القرآن ثمّ الدعاء والزيارة، ويتلو ذلك المائدة وجلوسُ المؤمنين بعضهم إلى بعضٍ يتحدَّثون، ويستخبِرون حالَ بعضهم، ويطرحون ما يطرحون ممَّا يحقِّقُ إحياء الأمر، والذي يجعلُهم ممّن ينالون محبَّةَ الإمامِ (ع) ودعاءَه لهم.
أمّا صلَة الأرحام فهي تتأكّد عن طريق التزاور بين الأهل، حيثُ أنّنا كثيرًا ما نفتقد بعض الوجوه، لكنّنا نلتقيها في ليالي هذا الشهر الكريم، وتتّضح أكثر باجتماعات الإفطار المحدَّدة في بعض الليالي، واتساعِ دائرة المدعوين من الأهل لتشمل من هم أبعدُ قرابةً ونسبًا في ليلةٍ أو أكثر، كلٌّ حسبَ ترتيباته.
هاتانِ الحالتان لا تحضران بيننا بهذه القوّة إلا في شهر رمضان عادةً، أو على أقل تقديرٍ أنّ ميقاتَ شهر رمضان يشكِّل إحدى أهمّ المحطات من بين محطاتِ رحالِهما بيننا، فصحَّ أن تكونَا فيضًا من فيوضاته علينا.
محمود سهلان
٥ شهر رمضان ١٤٣٩هـ
٢٠ مايو ٢٠١٨م
تعليقات
إرسال تعليق