من مقدماتِ استجابةِ الدعاء
قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء، ٨٩-٩٠].
استجاب اللَّه تعالى دعاء نبيه زكريا (عليه السلام) ورزقه ولدًا نبيًّا وهو يحيى (عليه السلام) وأصلح له زوجه، وبعد إخباره تعالى عن هذه القصة في كلمات قصيرة عقَّب مباشرةً بأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، ويدعونه عزَّ وجلَّ رغبةً في ما عنده ورهبةً منه، وكأنه أراد أنْ يعلِّمنا كيف يستجاب الدعاء.
من مثل هذه الآية نتعلم أنَّ المسارعة في الخيرات، لا مجرَّد فعل الخيرات، ثم الدعاء بقسميه المذكورين، رغبةً بما عنده وخوفًا منه تعالى، تعدُّ من عوامل استجابة الدعاء، وبالنظر إلى بعض الروايات نضيف إلى ذلك أنَّ الدعاء ينبغي أنْ يكون في الرخاء والشدة، فإنَّ كثرة الدعاء في الرخاء من أسباب استجابة الدعاء في الشدة.
الدعاء عبادةٌ عظيمةٌ جدًّا، والعزوف عنها استكبارٌ عن عبادة الله تعالى، قال عزَّ من قائل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠].
من أهم النقاط التي ينبغي الالتفات إليها في مسألة الدعاء أنَّ الدعاء اعترافٌ من العبد بعبوديته للَّه تعالى، وإقرارٌ بفقره وحاجته له عزَّ وجلَّ.
الكلام في هذه العبادة العظيمة واسعٌ جدَّا ومترامي الأطراف، وله جهاتٌ كثيرةٌ ينبغي النظر فيها، لكن أكتفي بهذا القدر الذي أثارتني الآية الشريفة التي قدَّمتُ بها الكلام نحو كتابته.
محمود سهلان العكراوي
الجمعة ٨ جمادى الآخرة ١٤٤٥هـ
الموافق ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٣م
تعليقات
إرسال تعليق