من هنا وهناك (٤٠) منعُ الهواتف على المائدة

من هنا وهناك (٤٠) منعُ الهواتف على المائدة


كرَّرت كثيرًا في مقالاتٍ سابقةٍ ذِكر أهمية اجتماع العائلة على مائدة الطعام وما بعدها، فهي تشكِّل اجتماعًا يقرِّب بين أفرادها من جهة، ويطَّلع فيها كل فردٍ على حال باقي الأفراد من جهة، كما أنها من فرص تأديب أفرادها عمومًا والصغار منهم خصوصا، لذلك أظن أن هذه المسألة من المسائل التي ينبغي مراعاتها بشكلٍّ جادٍّ في مجتمعاتنا المؤمنة.

جوٌّ من الاحترام المتبادل ينبغي لنا أن نخلقه في هذه الفترة الزمنية من اليوم، بل وينبغي لنا العناية بها أشدَّ اعتناء، فنسعى لتهيأة الجو المناسب لها، ونلتزم بها التزامًا تاما، لا يزلزله إلا الظرف الصعب، وفيما عدا ذلك فنقدم الجلوس معًا حول المائدة على غيرها.

من الظواهر السلبية المنتشرة اليوم ظاهرةُ استعمال الهاتف أثناء الطعام، ولا غرابة إذ أصبح هذا المظهر يغطي كل لقاءاتنا وجلساتنا بأنواعها، لذا فهو قد تسرَّب للمائدة أيضا، ومن الواضح أن هذه الظاهرة أثَّرت على علاقاتنا بشكلٍ كبير، فنحن نعطي انطباعًا لجليسنا أنه أقل أهميةً مما نحن منشغلون به، سواء كان الهاتف أو غيره، وبمثل هذه التصرفات نحن نقضي على روابطنا الطبيعية الصحيحة أو نحدّ منها ولا نتيح لها المجال لترتقي وتكون أقوى وأجمل وأكثر نضارةً وصفاء.

ينبغي للآباء والأمهات كذلك أن يراعوا وجود أطفالهم معهم، فلو وجد الابنُ أباه يستعملُ هاتفه وهو على المائدة سيعتبره تصرفًا عاديًّا ولن يجد في استعماله للهاتف بأسا، فتنتقل هذه العادة السلبية للأبناء عن طريق فعل الآباء، وعليه فمن باب التأديب والتربية، ينبغي للأب أن يمنعَ استعمال الهواتف على المائدة من الجميع ويبدأ هو والأم بذلك، وبامتناعهما يمكن لهما منع الأطفال من استعمال أجهزتهم بيُسرٍ ودون أن يخلقوا نوعًا من التناقض بدواخلهم.

المسألة كما أرى أعمقُ ممّا كتبت هنا، وليست متعلقةً بالأجهزة الإلكترونية فقط، بل لها مظاهر أخرى، ولكن مسألةَ الهاتف تعد من أسوء وأوضح المظاهر السلبية في حياتنا اليوم.

محمود سهلان
٢٦ جمادى الأولى ١٤٤٠هـ
٢ فبراير ٢٠١٩م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون