الكافي كافٍ للمؤمنين



   اشتهر بين الؤمنين عمومًا وبين أهل العلم منهم بشكلٍ خاص أنَّ المدار عند أهل المذهب الحقِّ هو على الكتب الحديثية الأربعة، وهي:

١- الكافي، للشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رضوان اللَّه عليه).

٢- مَن لا يحضره الفقيه، للشيخ محمد بن علي الصدوق (رضوان اللَّه عليه).

٣- الاستبصار، للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (رضوان اللَّه عليه).

٤- تهذيب الأحكام، كتاب آخر للشيخ الطوسي (رضوان اللَّه عليه).

   أما بالنسبة لطالب العلم المتخصِّص فلا بدَّ له من اقتناء هذه الكتب الأربعة لأنَّ مدار البحث في الفقه الجعفري إنما هو قائمٌ على هذه الكتب، أما غير المتخصِّص فإنْ اقتناها فلا بأس، وإنْ ترك الثلاثة الأخيرة منها فلا بأس، إلا أنَّه لا بدَّ له من اقتناء كتاب الكافي.


   كتاب الكافي المقسَّم لثلاثة أقسام، وهي: الأصول والفروع والروضة، هو أكثر هذه الكتب شموليةً وأقدمها تأليفا، وذلك أنَّ مؤلف الكتاب ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رحمه اللَّه) الذي عاش زمن الغيبة الصغرى وتوفي في أواخرها، متقدِّمٌ على الشيخين الصدوق والطوسي (رحمهما اللَّه)، وأما الشمولية فلأنَّه لم يقتصر على أبواب الفروع فقط كباقي الكتب المذكورة، بل تجاوز مضمونه الأسس الثلاثة للدين، أعني العقيدة والفقه [الأحكام الشرعية] والأخلاق، كما أنَّه أكبر وأوسع من الكتب الثلاثة، وكانت طبعته المشهورة مكونةً من ثمانية أجزاء، أما في الطبعة الأخيرة لدار الحديث فقد بلغ خمسة عشر جزءًا بعد العمل التحقيقي الكبير الذي قامت به الدار.


   بحسب الطبعة المتداولة المشهورة تتكون هذه الموسوعة العظيمة من ثمانية أجزاء:

١- الجزآن الأولان المعروفان بأصول الكافي: يتضمَّن الجزء الأول روايات العقل والجهل، وفضل العلم، والتوحيد، والحجَّة وما يتعلق بالمعصومين (صلوات اللَّه عليهم). فيما يتضمَّن الجزء الثاني روايات مسائل الإيمان والكفر، والدعاء، وفضل القرآن، وآداب السلوك الإسلامي.

٢- الخمسة التالية المعروفة بفروع الكافي: تتضمَّن الروايات المرتبطة بالأحكام الشرعية، كأحكام الصلاة والصيام والحج وغيرها.

٣- الجزء الثامن المعروف بروضة الكافي: يتضمَّن بعض مواعظ أهل البيت (عليهم السلام)، وبعض خطبهم ورسائلهم، وبعض القضايا التاريخية المرتبطة بهم.

   وهذا التقسيم مناسبٌ جدًّا بل هو متميز، لما للفهرسة من أثرٍ عظيمٍ ينبغي التنبه له.


   الجدير بالذكر أنَّ الشيخ الكليني (رحمه اللَّه) ألَّف كتابه خلال عشرين عامًا، وقد توفي في العام ٣٢٨هـ على قول، أو في العام ٣٢٩هـ على قولٍ آخر، أي في عام انتهاء زمن الغيبة الصغرى.


   أمَّا من جهة بيان سعة الكتاب وعدد رواياته، فقد قال الشيخ الأيرواني (حفظه اللَّه): «ومجموع أحاديث الكافي على ما قيل يزيد على مجموع أحاديث الصِّحاح الستة للعامة، فإنَّ مجموع أحاديث الكافي ١٦١٩٩ حديثًا بينما مجموع أحاديث الصِّحاح ٩٤٨٣ حديثًا» [الأيرواني، دروس تمهيدية في القواعد الرجالية، ص٢٤٢].


   أقطع بأنَّ هذا الكتاب ينبغي أنْ يكونَ أوَّل ركنٍ من أركان المكتبة المنزلية للمؤمن.


محمود سهلان العكراوي

السبت ٢٣ جمادى الآخرة ١٤٤٥هـ

الموافق ٦ يناير ٢٠٢٤م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون